الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كل عشر دقائق ينقرض كائن حي... الى أين سيوصل الجشع الانسان؟

باسكال عازار
كل عشر دقائق ينقرض كائن حي... الى أين سيوصل الجشع الانسان؟
كل عشر دقائق ينقرض كائن حي... الى أين سيوصل الجشع الانسان؟
A+ A-

في عالم الجشع هذا لا تعود الأرقام البيئيّة من أي نوع كانت صادمة. فأمام الأرقام المهولة التي ينفقها تجار السلاح على صناعتهم وما يرافقها من إنفاق على مستلزمات سياسيّة ودبلوماسيّة ودعائيّة لإنتاج حروب إستثماريّة لهذا السلاح، لا يأبه أحد لأي إحصاء بيئي حتى وإن كان وثيق الإتصال بحياة الإنسان ومستقبل الكوكب. ومن يأبه لتلك الأرقام مقابل إحصاء عدد الجائعين في العالم، والأرقام اليوميّة الضخمة لعدد القتلى في ساحات المعارك المتفرّقة على الخارطة الدوليّة، أو في الكوارث الطبيعيّة، أو الحوادث المتنوّعة وغيرها. هذه كلّها قضايا تتقدّم إحصاء بيئي يؤكد تراجع أعداد الحيوانات البرية بنسبة 52% والحيوانات البحريّة بنسبة 39%، عدا عن أن كائناًحياً ينقرض كل عشر دقائق في الطبيعة. طبعاً إن قيمة الإنسان الجائع والقتيل أهم من الحيوان والنبات المنقرض، لكن ما لا يتم التنبّه إليه أن سياسات الإنسان الجشعة التي تسبب القتل والتجويع للإنسان هي نفسها التي تقضي على الحيوان والنبات بالتوازي، وإن هذه السياسة الجشعة هي نفسها التي تفتعل الحروب وتدمّر المواردوتمهّد شيئاً فشيئاً إلى انقراض الإنسان وما انقراض الحيوان والنبات إلا مقدّمة لذلك.


أصدر الصندوق العالمي لصون الطبيعة في أيلول الماضي تقرير "الكوكب الحي" الذي نعرض منه الأرقام، والذي يبيّن تراجع أعداد الحيوانات البريّة بنسبة 52% خلال 40 عاماً بين عامي 1970 و2010. ويصدر التقرير كل سنتين، بناء على متابعة 10380 مجموعة من الحيوانات الفقارية التي تمثّل 3038 نوعاً من الثدييات والطيور والزواحف والبرمائيات والأسماك حول العالم.
واعتبر متوسّط الإنخفاض في أعداد الحيوانات البالغ 52%، أكبر بكثير مما ورد في التقارير السابقة التي اعتمدت بشكل رئيسي على معلومات متوافرة من أميركا الشماليّة وأوروبا، حيث تمتعت الحيوانات البريّة بالإستقرار الى حدّ ما خلال العقود الماضية. وكان التقرير الأخير قبل عامين قد كشف عن تراجع بنسبة 28% فقط بينعامي 1970 و2008.


أرقام إضافية من التقرير


يرى التقرير أن معدل الإستهلاك العالمي حاليّاً يحتاج الى كوكب ونصف كوكب لاستدامته، وقد دفعت الكائنات الحيّة التي تعيش في المياه العذبة الثمن الأغلى، إذ تراجعت أعدادها بنسبة 76% خلال العقود الأربعة الماضية. وإضافة إلى التلوّث، تلحق السدود والإستخراج المتزايد للمياه الضرر بنظم المياه العذبة، في حين ازداد عدد سكان العالم أربعة أضعاف في القرن الماضي، وارتفع استهلاك المياه سبعة أضعاف.
وانخفضت أعداد الحيوانات البحريّة بمعدل 39% أيضاً، خصوصاً الأسماك التي يتم صيدها تجارياً بشكل مفرط يتجاوز قدرتها على التجدّد والنمو. وتعاني السلاحف بخاصة، إذ أدى صيدها ودمار أماكن تعشيشها ونفوقها في شباك الصيد الى هبوط أعدادها بنسبة 80%، كما تأثرت كثيراً بعض أنواع الطيور. وتتسبب البلدان الغنيّةبالقضاء على الحياة البريّة في البلدان النامية من خلال استيراد مواد غذائيّة وسلعأخرى يتم إنتاجها بتدمير الموائل في هذه البلدان النامية، فقد تمّ مثلا تصدير ثلثالمنتجات المتسبّبة في زوال الغابات، مثل الخشب واللحم البقري وفول الصويا، إلىالإتحاد الأوروبي بين العامين 1990 و2008.


جشع الإنسان وأنانيّته


أوضح الدكتور منير أبي سعيد المتخصص في إدارة التنوّع البيولوجي – علم الثدييات أن "الكوكب مرّ بخمس انقراضات كبيرة آخرها كان قبل 65 مليون عام عندما انقرض الديناصور واختفى نحو 90% من الكائنات الحيّة. يعيد العلماء ذلك إلى نيزك ضرب الأرض ومنهم من يقول إن الإنقراض تمّ بسبب تغيّر المناخ، وتطلّب الأمر مرور بضعة ملايين عام حتى يتكوّن التنوّع البيولوجي الجديد الذي نعرفه اليوم، إلا أن الإنسان وخلال الـ50 عاماً الأخيرة قد دمّر جزءاً كبيراً جداً مما تمّ بناؤه بسبب التلوث والتمدد العمراني والإستخدام غير المستدام للموارد والجشع وهذا كلّه أدى إلى انقراض العديد من الكائنات". وأضاف "ثمّة حقيقة مخيفة تتخطى الدراسة المذكورة وهي أن مع كل 10 دقائق تمرّ ينقرض كائن حي سواء نبات أو حيوان أو بكتيريا أو أي عنصر آخر. ولكلّ هذه العناصر التي تنقرض دور مهمّ وأساسي في الطبيعة، نحن نعيش في سلسلة تتكامل فيها كل الكائنات والعناصر الطبيعيّة بتوازن معيّن لخدمة الإنسان، وإن انقراض كائن واحد من شأنه أن يؤثر على وظائف كائنات أخرى عديدة في الطبيعة فتصاب السلسلة بأكملها بالخلل". ولفت أن "ما نعيشه هو واقع مخيف إذ إن كائناًواحداً يستهلك 50% من الموارد الطبيعيّة، وما يصيبنا اليوم على المستوى العالمي من انقراضات وحتى امراض وأوبئة وتغير في النظم الطبيعيّة والإيكولوجية مرتبط بشكل مباشر بجشع الإنسان واستخدامه الأناني للموارد الطبيعيّة. والحل لهذه المشكلة مرتبط بالفرد وبالمجموعة، على الإنسان أن يستخدم حاجته من الموارد فقط بطريقة مستدامة، وعلى الدول أن تتعاون في التعاطي مع موارد الكوكب بما فيه مصلحة الإنسان لا مواطنيها ومواردها الطبيعيّة والإقتصادية فحسب".


[email protected]


Twitter: @azarpascale

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم