الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

في يوم الجامعة اللبنانية: ماذا عن مجلسها واستقلاليتها وإصلاح قانونها؟

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
A+ A-

ليس يوم الجامعة اللبنانية مناسبة لعرض الإنجازات، وتكرار الكلام الذي نسمعه عن الجامعة الوطنية "التي تحتضن 70 ألفاً من طلاب لبنان، وكلياتها التي تخرج الأفضل"، وغير ذلك من كلام يقفز فوق المشكلات والتحديات التي تواجهها الجامعة، الى قضاياها التي تعنى باستقلاليتها واصلاح قانونها، ووقف التدخل السياسي في شؤونها، ودور مجلسها، ووظيفتها في البحوث والشهادة.


ففي يومها الوطني، كيف تسيّر الجامعة؟ وهل نستطيع الحديث فعلاً عن إنجازات؟
لا يستقيم الحديث عن الجامعة من دون مجلسها، الذي تألف منذ نحو 7 أشهر بتعيين العمداء بالأصالة وممثلي اساتذة الكليات ومفوضي الحكومة، ولم يمارس صلاحياته ودوره كاملين. لم يتمكن المجلس من اتخاذ موقف من ملف تعيينات المديرين في فروع كليات الجامعة، ولا من ممارسة مهماته وفق الصلاحيات المعطاة له مع رئيس الجامعة الدكتور عدنان السيد حسين، وهو الذي يترأس المجلس وفق قانون الجامعة. فكيف اذا كان مجلس الجامعة عاجزاً عن إعلان موقف من القضايا الشائكة، ومن اختيار المديرين مثلاً، وهي مسألة أساسية تدخّل في ملفها كل السياسيين والقوى الحزبية، وتضاف الى سلة الأزمات التي تعانيها الجامعة وتدخلات القوى المختلفة.
قد يقول البعض إن الوقت لم يحن بعد ليتولى مجلس الجامعة مهماته كاملة، لكن قضايا الجامعة لا تنتظر، بعدما تفجرت أخيراً قضية المدير المعيّن في كلية إدارة الأعمال في الشمال، ثم وقف تعيينه، وإعادة تعيين مديرة جديدة، وانتهى الأمر عند وزير التربية والتعليم العالي الذي أخرج من مكتبه تسوية في هذا الشأن، الى الخلافات على التعيينات، والمشكلات التي تعانيها الكليات وخرق القانون 66 في مجالات مختلفة. فكيف يمارس مجلس الجامعة مهماته، ولا تزال اللجان المشكلة قبل تأليفه تمارس مهماتها بالتوازي مع مسؤولياته، الى دور مستشاري الجامعة الذين يسيرون شؤونها. ذلك يطرح تساؤلات عن مدى قدرة مجلس الجامعة على مواجهة التحديات، وهو المجلس الذي يستطيع بطاقاته النخبوية والعلمية والأكاديمية أن يحصّن الجامعة بمؤسساتها المختلفة ويحفظ موقعها ويستعيد دورها ووظيفتها ويحمي أيضاً موقع رئاستها من الناحيتين الأكاديمية والعلمية وفي مواجهة التدخل السياسي والطائفي.
سيقال ان مجلس الجامعة لا يمتلك صلاحيات كرئيسها، لكنه يستطيع تحصينها بقرارات تعيد الاعتبار الى العمل الاكاديمي. ولذا فموضوع موازنة الجامعة يخرج من المجلس، مع ممارسة رقابته على صرف الاموال، والتدقيق بالملفات، فكيف يسمح لأستاذ ان ينال بدلات مالية عن تصحيح مسابقات ومراقبة بنحو 50 مليون ليرة في السنة، وآخر 20 مليوناً؟ هذه ملفات لا يمكن التغاضي عنها، الى إعادة الاعتبار للشهادات العليا في بعض معاهد الدكتوراه، ثم الحسم الأكاديمي بتحديد معايير للتقويم والنظر في شهادات دكتوراه يحملها الاساتذة، وحصر القرارات بمجلس الجامعة ورئيسها في التعامل مع المعنيين ووزارة الوصاية والحكومة.
ومن واجب المجلس أن يراقب تطبيق القانون 66، وإعادة الاعتبار لدور المجالس التمثيلية، والعمل على استعادة صلاحيات سلبت من الجامعة سابقاً، ثم ضبط الإدارة الجامعية بمجالسها ولجانها ومحاربة الفساد والسير في الإصلاح الإداري والأكاديمي، الى اتخاذ القرارات التي تحصّن الجامعة أكاديمياً وعلمياً وتمنع كل أنواع التدخل السياسي والطائفي والمذهبي في شؤونها وتعزيز بنيتها على كل الأصعدة وفي كل المجالات.
ولعل ما رافق ملف تفريغ الأساتذة من تدخلات، الى الإلتباسات في الملف ذاته، يطرح مشكلة اساسية لمستقبل الجامعة، اذا جرى التدقيق في عدد كبيرمنها. فالطريقة التي تم التعامل بها مع الجامعة في ملفات التفرغ، لم تسد الثغرة الأكاديمية، بل أوجدت فراغاً في آلية تجديد الكادر التعليمي المتخصص، انطلاقا من حسابات سياسية، فتم تفريغ اساتذة تبعاً للمحاصصة، بينما كان مجلس الجامعة يتولى سابقاً التفريغ، عندما كانت للجامعة استقلاليتها المالية والاكاديمية، فيفرغ الاساتذة وفقاً للحاجات وللتخصصات المتاحة، بآلية سمحت بتجديد الكادر التعليمي وضخت دماً جديداً متواصلاً سمح للجامعة بمنافسة ارقى الجامعات الخاصة. ويطرح هذا الواقع أيضاً اعادة النظر بآليات وممارسات تتعلق بالجامعة، فغذا يتحمل مسؤوليتها الاولى مجلس الوزراء، الذي يتعامل سياسياً مع الجامعة، الا أن مجلس الجامعة يتحمل مسؤولية اساسية في إعادة تصويب الأمور وضبطها,
ولا شك في ان امور الجامعة كي تستقيم، تحتاج الى مدخل اول، هو ممارسة مجلس الجامعة صلاحياته، والعمل على انقاذ الجامعة من براثن المحاصصة والتدخلات السياسة التي تنظر الى المؤسسة كمكان للتوظيف، مهمشة دورها ووظيفتها واستقلاليتها. ولعل العمل على دفع الامور نحو الاتجاه الاكاديمي ومعاييره التي تقوم على البحث العلمي هو الاساس لاستقامة امورها، الى تطبيق قانون التفرغ، والدفع نحو تنظيم الجامعة بقانون جديد يؤسس لمرحلة ذهبية جديدة.


[email protected]
Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم