الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

داخل الكنيسة في فيطرون... " آخ يا الله الجرح شو كبير"

المصدر: "النهار"
زينة ناصر
داخل الكنيسة في فيطرون... " آخ يا الله الجرح شو كبير"
داخل الكنيسة في فيطرون... " آخ يا الله الجرح شو كبير"
A+ A-

لا كلمات تصف الجرح الكبير الساكن قلوب أفراد عائلة الفنان عصام بريدي الذي رحل مع الفجر في حادث سير مروع على طريق الدورة. منذ تلقيها الخبر، هامت العائلة على وجهها قاصدة مستشفى مار يوسف حيث كان الشاب الذي فارق الحياة صبيحة القيامة جثة أسلمت الروح الى الله مع حدث القيامة الجليل. الصدمة والجرح كانا عاملين انتقلا الى الأقرباء والأصحاب ولبنانيين حفلت مواقع التواصل بتعازيهم الحارة وتعبيراتهم عن الحب الكبير الذي خصوا به فناناً واعداً أحبّ الحياة وكافح من أجل بناء نفسه، كما يقول عارفوه.


استند عصام كما شقيقه وسام على جهودهما ليشقا طريقهما، أحبّا العائلة والمهنة والناس الذين بادلوهم المشاعر نفسها، وهو الأمر الذي كان يمكن الاستدلال عليه من مشهد مستشفى مار يوسف الذي غصّ بالفنانين والمحبين، وكذلك من مشهد كنيسة مار جاورجيوس في فيطرون، مسقط الرأس، وهو المكان الذي قصدناه للعزاء ومشاركته مع محبي عصام.
داخل الكنيسة التي امتلأت مقاعدها، جلس الاعلامي وسام بريدي محاطاً بالمعزين، يبكي ويهز برأسه شمالاً ويميناً، تحدثنا إليه، فأجاب: "ماذا عساني أقول...لا أستطيع الحديث ..."، يهز برأسه تعبيراً عن حجم الكارثة. نترك وسام لحزنه ونتجه لتعزية والدته التي تجلس الى جانبه بينما تحاول نساء من العائلة تهدئتها من دون نجاح، تتنهد الأم وتبكي قبل أن تصرخ "آخ يا الله الجرح شو كبير".


لحظات ويصل وفد من الفنانين يتحلقون حول العائلة ويجهشون بالبكاء.
خارج الكنيسة، يخرج معزون يحبسون الدمع مطأطئي الرؤوس. الممثل باسم مغنية مخرج "آدم وحوا" الذي لعب فيه عصام دور البطولة الى جانب باتريسيا نمور، يقول لنا "كان منيح...منيح كتير"، مختصراً الحديث. فيما يردف الممثل نيكولا معوض، قائلاً "كان يحب الفرح وينشده ويحمل كماً كبيراً من التفاؤل في يومياته"،  أما جورج قرداحي فيخبرنا: "كان مقرباً مني وامتلك صفاتاً جميلة ندرت مصادفتها في أشخاص هذه الأيام". تصل ألين لحود باكية، تقترب من وسام لتغمره بشدة. الصمت والبكاء يبدوان لغة جامعة في المكان المقدس. كذلك وسام حنّا لم يرَ من الشاب الفرح إلّا كلّ خير، "بعيد عن المشاكل ولا يصدر عنه أي سوء تجاه زملائه في العمل".


الضّباب خيّم على طرق فيطرون طيلة فترة بعد الظهر، وأمطرت السّماء في الضّيعة التي بَكَت شباب عصام. لكنّ أصدقاء شقيقته ماريان رأوا أنّ المطر توقّف، لأنّ الدنيا تفرح بشخص فرح كعصام، لذا سيكون مشهد الثلثاء عرساً له، وليس دفناً، كما ورد في ورقة النّعوة. مازحوا بعضهم، لأنّ عصام كان هكذا دائماً... محبّاً للفرح والحياة. "نسهر في "قرنفل"، المطعم الذي يملكه عصام ووسام، نعرفه كشخص متواضع وفرح"، تقول صديقة ماريان. ويردّ صديقها، دامعاً، كما كلّ من عرفه: "كان عصام يصرّعلى مصافحة كلّ الحاضرين في المطعم. يحبّ الجميع...".


السلامة المروريّة


"خسارة كبيرة..."، هكذا يعبّر كلّ من عرف الشابّ خفيف الظّلّ والمحبوب. "ربّتهم أمّهم بدموع عيونها"، تقول جارة العائلة. الرجال يبكون كما النساء في وداع الأحبّاء... أحد أصدقاء العائلة يفيد ان "عصام قدّم تبرّعات للأعمال الخيريّة في الكنيسة... قدّم البسمة لكلّ من قابله".
تسكن العائلة في القليعات، بلدة أمّ عصام، لكنّ كلّ الأصدقاء هم في فيطرون يحملون الحبّ لمن بادلهم إياه خلال زياراته لبلدته.. "بيفرّحنا، وبيضلّو يمزح"، يقول جيران كثر. أمّا زوجة عمّه فتجهش بالبكاء: "بنى نفسه بنفسه. يغنّي، يمثّل، وبدأ بتعليم التّمثيل في جامعة الـ"AUL" منذ ثلاثة أسابيع فقط".


يحضر في الكنيسة ممثّلو جمعيّات تعنى بالسلامة المروريّة، بهدف تحويل الحدث إلى مناسبة للتّوعية. لكنّ دموع أمّ عصام لن تبرّدها توعية ولا كلمات تعزية. لن تعيد عصام لأخوته وأحبّائه كلّ العبارات الحزينة. أحببناه فقط لمشاهدته على الشّاشة، لكنّ كلمات الجميع تدلّ على أنّ "عصام المهضوم على التلفزيون هو نفسه في حياته اليوميّة، كلّه حياة"، وكذلك ذكراه ستبقى نابضة.


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم