الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أرادَ الترفيه عن أخيه المصاب بالسرطان فخطفه الموت

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
أرادَ الترفيه عن أخيه المصاب بالسرطان فخطفه الموت
أرادَ الترفيه عن أخيه المصاب بالسرطان فخطفه الموت
A+ A-

حملته والدته بعمر السنة بين ذراعيها، استقلت الطائرة وغادرت أرض الوطن، أغمضت عينيها على حلم ان طفلها دخل المدرسة، أنهى دراساته الجامعية، افتتح شركة وبات رجل أعمال ناجح، لبس بدلة عرسه وزفّ الى عروسه، لعبت وأبنائه، فجأة استيقظت بعد 25 عاماً على أزيز رصاصة أصابت رأسه، أنهت حلمها وقتلت مستقبله.
الطفل أصبح شاباً، أراد أن يعود إلى وطنه عريساً يرفع على أكف أحبابه ويزفّ الى خطيبة أحلامه، فعاد اليوم وحمل على الأكف عريساً فقد أحلامه وغادر زمانه، استقبلته أرض أجداده وحضنته بترابها بعد أن بنى منزلاً فوق أرضها ليكمل فيه حياته، فقد اتخذ قراره بإنهاء حالة الغربة التي يعيشها في السويد، لكن طلقة غدر من مجرم أنهت الحكاية قبل أن يجفّ قلمه ويختار هو النهاية.
كفركلا لبست ثوب الحداد واستقبلت ابنها اليوم، العائلة التي صعقت بخبر وفاته وإصابة شقيقه الذي كان برفقته، حملت حقائبها بعد ان لملمت أحزانها وآهاتها وأوجاعها وعادت، ليرقد حسين بسلام في لبنان، الوطن الذي طالما أحبّه ووضع في حسبانه أن يكمل أيامه فيه، والذي زاره قبل نحو شهرين.




طموح تخطّى الحدود
"ليس مجرد كلام أن حسين للخجل كان عنواناً، طيبة أخلاقه وحنانه على عائلاته وكل من عرفهم لا يمكن وصفها، جسده لا يوحي بأن إحساسه مرهف الى الدرجة التي هو بالفعل عليها، هذا أقل ما يمكن قوله عن هذا الشهم الذي أينما حلّ ترك إيجابية لا تنسى"، بهذه الكلمات عبّر خليل شيت عم حسين عن "الغالي" الذي رحل من دون مقدّمات ليضيف فاجعة على العائلة التي لم تبرد ضربة معرفتها بإصابة ابنها ربيع بسرطان في قفصه الصدري قبل نحو 8 أشهر.
طموحه لا حدود له، بريشة من الصبر والأمل رسم أهدافه وبدأ بتحقيقها الواحد تلو الآخر، درس وعمل في شركة للسيارات، لكن هدفه الأكبر كان الاستقرار في كفركلا البلدة الجنوبية التي طالما أحبها، وأشار خليل لى ان "عشقه لبلدته كبير وللبنان أكبر بكثير، لم يكن يغيب طويلاً حتى يعود لتنفس هواء الوطن، كان فرحاً باقتراب منزله من الإنجاز والعرس من الانطلاق".




لحظة قاتلة
لم يكن شيت يعلم ان سهرته وأخيه ربيع (19 عاماً) في أحد المقاهي لمتابعة مبارة كرة قدم ستكون الأخيرة، وشرح خليل: "بعد خضوع ربيع لعملية بسبب المرض الخبيث الذي أصابه والعلاج الصعب الذي مرّ به، شدد طبيبه على عائلته ان يموّهوا عنه بين الحين والآخر، في تلك الليلة المشؤومة سهر الجميع في أحد المطاعم، وبعد عودة كبار السن الى المنزل بقيَ الشباب لمتابعة مباراة كرة قدم، كانت الأمور طبيعية الى أن  تعرض فجأة المقهى لهجوم من بعض المجرمين الذين أمطروا المتواجدين بالرصاص، أصيبَ حسين في رأسه وأصيب شقيقه في وجنته، وقع حسين أرضًا راوياً أرض الغربة من خيبته، فآخر ما كان يخطر على بال احد أن تكون هذه النهاية، ان يكون ضحية لإشكال لا علاقة له فيه، ان يكون متواجداً في زمان ومكان خطأين، وهو المتفائل دائمًا بأن الحياة تخبئ له كل جميل". ولا زالت الشرطة تحقق في خلفيات الحادث الذي تشير الترجيحات الأمنية الى خلفياته الفردية. 


 



إسدال الستار
19 آذار تاريخ خطّ بالدم في عائلة شيت، بعد أن شطب اسم ابنهم من سجل الحياة، غادر حسين من دون استئذان، تاركاً شقيقه يصارع مرضًا خبيثًا وشقيقتين لطالما أحبهما وأمضى وقته معهما، ووالد أراد لأبنائه حياة مريحة فتحمّل لوعة الاغتراب وفتح مطعماً للبيتزا، أما الوالدة فلم تصدق أن الحلم الجميل الذي نسجت خيوطه على متن طائرة الرحيل قطعه مجرم لا يعرف للرحمة سبيلاً، أعادها الى واقع مرير صدمها قبل أشهر حين دق ناقوس مرض خبيث أصاب ربيع ليفاجئها بخبر موت العريس الذي كانت تخطّط ليوم فرحه الكبير.
انضم حسين الى لائحة المغتربين اللبنانيين الذين دفعوا دمهم ثمناً لحياة كريمة لم يتمكن وطنهم من تأمينها لهم ولعائلاتهم، فاتورة اعتقدوا أنها تقتصر على صرف بعض من أيامهم خارج الوطن، فلم يبقَ لديهم ايام في محفظتهم!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم