الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تعريب وتفريس… وإرهاب وترهيب

علي بردى
A+ A-

يطوي أي اتفاق أميركي - ايراني محتمل حقبة استمرت أكثر من ٣٥ سنة. يعيد خلط حسابات الجغرافيا السياسية المعقدة أصلاً في الشرق الأوسط. لذلك يعتقد أن السعودية تقود حرب "عاصفة الحزم" في اليمن لتعلن أنها وغيرها من الدول المشاركة لن تسمح لإيران بـ"تفريس" الميادين العربية وتشييعها.
انتهى زمن الاستقطاب الأميركي لأسباب يطول شرحها. بيد أن ذلك بدأ ينعكس على مناطق كثيرة في العالم منذ سنوات. عقب تلاشي نظام القطبين مع انهيار الإتحاد السوفياتي والمنظومة الإشتراكية منتصف الثمانينات من القرن الماضي، لم يكن واقعياً أن تتولى الولايات المتحدة أحادياً كل شاردة وواردة في أنحاء العالم. بل أنها عانت عواقب غزويها أفغانستان والعراق. أدرك الفرنسيون باكراً أن هذا التمدد غير دائم. لا بد من نظام متعدد القطب. هذا هو أصلاً "مذهب أوباما" لأميركا القرن الحادي والعشرين: لا غنى عن قيادة الولايات المتحدة حتى في هذا المجال، على رغم ما يبدو من تناقضات. من هذا المنطلق، اتخذت الإدارة الأميركية مقاربات جديدة من عدد كبير من القضايا عبر العالم. يسود الإعتقاد أن هذا التوجه سينعكس "إيماناً" أكبر بالأمم المتحدة، وما تمثله لتعددية القطب.
ثمة في الشرق الأوسط دول كبرى قليلة يمكن أن تضطلع بادوار محورية في رسم مستقبل المنطقة. سجلت ايران ما يعتقد البعض أنه "نجاحات" استثنائية عندما اضطر الأميركيون الى ترك ساحة العراق مفتوحة أمام النفوذ الايراني، وعندما منعت سقوط سوريا الرئيس بشار الأسد، وعندما بالغت في دعم "دولة حزب الله" في لبنان. تممت "الهلال الشيعي" لتصل حدودها - بمعنى ما - الى اسرائيل. يقوم "محور الممانعة" على "تشيّع" طائفي معطوفاً على "تفريس" سياسي حيث لا حضور للشيعة.
أعلن مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أن "الربيع العربي" اسم آخر لـ"الصحوة الإسلامية"، وأن الأمة الإيرانية سبقت العرب بنحو ٣٠ سنة. لم تخف السعودية مشاعرها بالخسران بعد سيطرة "الأخوان المسلمين" على مفاصل الحكم في مصر. وفرت، ولا تزال توفر، كل الدعم لنجاح الرئيس عبد الفتاح السيسي في شعاره "تحيا الأمة العربية". تأخرت بعض الشيء لكي تتعامل مع الحرائق التي تجتاح اليمن. كادت النيران تصل الى ثوب السعودية. بيد أنها عرفت باكراً أنه لا غنى عن مصر في "عاصفة الحزم". استنفرت تركيا وغيرها من الدول الإسلامية لئلا يخطىء أحد في حسابات الحرب. حقبة التتريك، في المناسبة، كانت واحدة من أبرز علامات أفول الإمبراطورية العثمانية.
لإسرائيل حسابات أخرى. تبدو غاضبة من "الإمتيازات" التي يمكن أن يمنحها الاتفاق المحتمل للدول الكبرى مع ايران من حيث برنامجها النووي، ومن احتمالات أن تذهب الولايات المتحدة في اتجاه دعم سعي الفلسطينيين الى دولة على حدود ما قبل حرب حزيران ١٩٦٧. تلعب على أوتار التعريب والتفريس. دعك من الإرهاب والترهيب.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم