الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

جواد حسن نصرالله يغرِّد خارج السرب: "الجديد دكانة"!

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
جواد حسن نصرالله يغرِّد خارج السرب: "الجديد دكانة"!
جواد حسن نصرالله يغرِّد خارج السرب: "الجديد دكانة"!
A+ A-

أمضت قناة "الجديد" عمراً في مديح المقاومة وتقديس هالتها. مقدّماتٌ كتبتها مديرة الأخبار مريم البسام تنتصر فيها لخطاب القبضات المرفوعة والوعود الإلهية. وبات مفروغاً منه أنّ "الجديد" قناةٌ مقاوِمة، تكنّ الولاء التام لـ"حزب الله" وأمينه العام السيد حسن نصرالله، حتى كادت أن توازي "المنار" في إنكار الثغر وتمجيد الفتوحات. وظلّت "الجديد" في مقدّم المؤمنين بأنّ سلاح الحزب يحمي لبنان والأصوات المعترضة نشاز. تجاوزاتٌ ارتُكِبت لم تدفع المحطة الى التنازل عن الظنّ بأنّ المشروع المقاوِم مقدَّس. وكان لـ"الجديد" بَيْعٌ في شدِّ الجمهور التعبوي نحوها. كنَّ لها الوفاء، وصنَّفها، لسياستها، ضمن الخطّ الأحمر. ولما شاءت المحطة وصْفَ ظهور نصرالله الأخير بالمُنفَعل، احتدّ نجله جواد عبر "تويتر"، وغرَّد ناسفاً صداقة عمرها زمن. قرَّر الابن أن يضرب ضَرْبَ المُقبِل على معركة. انفعلَ هو الآخر وأطلق شراراته. راقه دور المغرِّد خارج السرب، فاندفع يتلبّسه. بيَّن الشاب ابن القائد أنّ "الخطأ" ممنوع: خطأ أن تُبدي الرأي وتنطق بغير المُتوقَّع. اهتزّ ولم يرضَ أقلّ من التخوين رداً. كيف للمحطة المسُّ بخطاب السيّد والتجنّي عليه بالقول إنّه انفعل؟ "الجديد" أجيرة لدى قطر والسعودية. "دكانة". "متلوّنة". ومريم البسام "كاتبة مدفوعة الأجر". ممن قبَضَت طوال سنواتٍ رَفَعت فيها المقاومين الى مصاف الآلهة وجعلت لقادتهم شأناً خَرَجَ عن الاجماع اللبناني؟ الابن تعنيه اللحظة. انفعاله قوَّض المنطق وسَلَب العقل الحكمة.


ليس المراد ضبط شطحات "الجديد"، بل رَفْض الرأي واستسهال إشهار العداء. قد "يتبرّأ" الحزب من تغريدات جواد حسن نصرالله، ويعتبرها "فردية" لا تمثّل القيادة التي تحبّ "الجديد" وتقدّر. وقد يُقال إنّ الابن كان يلهو، فغرَّد، وما أتى على ذكره لا يُعوَّل عليه. لكنّ في الخلفية، منظومة ثقافية نشأ عليها جمهورٌ بأسره وعمل الواقع على تكريسها: الرأي المُعارِض مرفوض حتى إشعارٍ آخر. لم يُبيِّن الابن المُغرِّد اعتباراً بديهياً لحرية الآخر في قول ما يشاء، وصدراً رحباً تجاه احتمال النقد. مَثَّل كثراً تشرَّبوا استحالة تقبُّل أنهم بشرٌ قابلون للاخفاق. كان يكفي أن تحيد "الجديد" (وهي بالطبع لم تفعل) سنتمتراً واحداً عن "اقتناعاته"، حتى ينقضّ عليها مخوِّناً، موزّعاً التُهم، ومطلقاً وسماً (هاشتاغ #دكانة_الجديد!) لم يسبقه اليه غاضب.


كَتَبت مريم البسام في مقدّمة نشرة السبت: "إذا كان دفاعُ الرئيس سعد الحريري عن سعوديتِه مفروغاً منه فإنّ ظهورَ الأمينِ العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تعتليه الانفعالية فهذا أيضاً لا تبرير له سوى تقديم المنطق الإيراني"، فبدأ كأنّ تكليفاً شرعياً فرَضَ على الشاب الردّ. غرَّد شاملاً رئيس مجلس إدارة "الجديد" تحسين خياط: "تحسين خياط يفتح ناره علينا حسب الدفعة القطرية أو الهبة السعودية..."، وتوجّه نحو البسام مُسدِّداً: "مريم البسام لما عندو ركاب يقعد بالبيت، عيب بقا تتطاولي والحق عاللي جالقك". ثم شاء أن يتفهَّم ظروف "المستقبل"، ويصغِّر عبرها شأن "الجديد": "أنا ابن ولایة الفقيه، احترم قناة المستقبل لأنها واضحة الخصام معنا، وضد قناة الكذب والدجل والأخبار المدفوعة أو حسب التلفون والعصاية الجديد". أدبياتٌ تُعلَّم. دروسٌ في الكلمة الطيبة.
تفضّل البسام عدم التعليق على تغريدات الابن. لم تبادله بتغريدة حتى. نسألها موقفاً مما جرى. تعتذر مراراً عن عدم الرغبة في الكلام، مكتفية بالقول إنّ ما كتبته طوال سنواتٍ هو محض انسجام مع اقتناعاتها وخيار المقاومة، وأنّها لم تتلقَّ مقابل موقفها مالاً من جهةٍ أو طرف. "أكتُب ما أراه، ولا يُملَى عليَّ من أحد". توافق على أنّ النقد ليس مُحرَّماً، مستغربةً أن يُستَتْبَع بالجَلْد. تفترض تحلِّي الأبناء بصورة الآباء، وتشاء عدم الردّ على ما قاله الابن. هالها ما قد يصيب والدتها الضريرة إن راح يُروَّج بأنّها تخلَّت عن الخطّ المقاوِم، وهذا في العائلة من المسلّمات الراسخة أباً عن جدّ. تخبرنا أنّ كلّ ما قيل ويُقال لا يساوي شيئاً أمام كلمةٍ قد توجّهها لها والدتها التي لا ترى. تخشى الأمّ على صورة الابنة، والأخيرة تخشى فقدان رضى الأم والتسبُّب بإحراجها. لم تُدلِ بالمزيد. الشعور بأنّ والدتها الضريرة تحدّق بها فَرَض الصمت. كأنّه إما أن تتلفَّظ بالولاء الأعمى أو تصمت حفاظاً على ما تبقّى.


[email protected]


Twitter: @abdallah_fatima

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم