الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

برنامج تدريب المعارضة السورية: "خليج الخنازير" في الصحراء

المصدر: "النهار"
برنامج تدريب المعارضة السورية: "خليج الخنازير" في الصحراء
برنامج تدريب المعارضة السورية: "خليج الخنازير" في الصحراء
A+ A-

كان مفترضاً أن يبدأ تنفيذ برنامج تدريب المعارضة السورية في الاول من آذار الجاري، الا أن الموعد الجديد أرجئ الى ما بعد ستة أسابيع على أكثر تقدير، في خطوة تزيد الغموض في شأن برنامج يثير تساؤلات أكثر مما تعلق عليه الامال، في ظل وضع ميداني سريع التقلب.


يبدو أن سبباً رئيسياً في ارجاء برنامج تدريب المعارضة السورية يعود الى عملية "غربلة" العناصر الذين سينخرطون في البرنامج ، إذ ان "البنتاغون" لم يستطع على ما يبدو "تصنيف" أكثر من مئة مقاتل في اطار المعارضة المعتدلة ، في حين أن برنامج التدريب يستلزم مشاركة ما بين 200 و300 في كل دفعة. هذا اضافة الى الخلاف المستمر بين الجانبين التركي والأميركي على تحديد "العدو". فبينما ترى واشنطن أن البرنامج التدريب يأتي في إطار مكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية"، تصر أنقرة أن قتال النظام السوري لا يقل أهمية عن الجماعات "الجهادية"، وعموماً، يهدف البرنامج الى تدريب أكثر من خمسة آلاف مقاتل سوري في السنة الاولى و15 ألفا خلال ثلاث سنوات، على أن يتم التدريب في مدينة كيرسهير التركية بمنطقة وسط الأناضول، مع هدف أساسي هو مواجهة "الدولة الاسلامية".


وحتى الان اقتصر اقتصر الجهد الاميركي لاضعاف "الدولة الاسلامية"، وصولاً الى تدميرها على نشر تدريجي لقوات أميركية في أدوار استشارية وغير قتالية. وتفيد تقارير عن وجود ثلاثة الاف جندي في العراق و9700 خرين في الكويت.هذا اضافة الى الطلعات الجوية التي ينفذها سلاح الجو الاميركي، والتي تمثل بحسب "البنتاغون" 81 في المئة من غارات الائتلاف الدولي.


وتتحدث تقارير أميركية عن أن هناك مشغّلين اميركيين وعملاء سريين آخرين على الارض، بما فيها سوريا، معتبرا أن البرنامج المفترض لسوريا هو قرار ذو مغزى وتداعيات أكبر بكثير مما تقوم به واشنطن في العراق.


فبعد ثلاث سنوات وستة أشهر من رفضه دعم واسع للمعارضة السورية، بدل الكونغرس رأيه في ايلول الماضي (بعد نشر الدولة الاسلامية أشرطة فيديو مرعبة)، وقرر زيادة الانخراط الاميركي في دعم المعارضة السورية المعتدلة، الا أن قراره لم يكن واضحاً في شأن المهمة التي سيضطلع بها الثوار بعد تدريبهم وتجهيزهم ونشرهم في سوريا.والاسوأ من ذلك، زادت تصريحات مسؤولين اميركيين كبار الغموض بالنسبة الى الضمانات للثوار السوريين.فعندما سأل السناتور جون ماكين في ايلول الماضي وزير الدفاع الاميركي في حينه تشاك هيغل: "اذا تعرض الثوار لهجوم من قوات بشار الاسد، الن نساعدهم؟ ألن نصد القوات الجوية للأسد اذا هاجمتهم؟"، أجاب الوزير: "في حال حصول هجوم على أولئك الذين دربناهم ودعمناهم سنساعدهم".


هذا كان في ايلول الماضي.ولكن في 24 شباط، أي قبل أقل من أسبوعين، سأل السناتور بوب كوركر وزير الخارجية الاميركي جون كيري عما اذا كان جائزا أخلاقياً تجهيز وتدريب الاشخاص وعدم حمايتهم من براميل الاسد.وبعدما أيّد رئيس الديبلوماسية الاميركية مبدأ "الدفاع عن المنخرطين في محاربة الدولة الاسلامية"، أقر بأن شكل الدعم العسكري الاميركي لا يزال قيد النقاش وأن "الرئيس لم يتخذ قرارا نهائيا بعد". وبعد ذلك بثلاثة ايام، كشف الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية أنه ليس هناك قرار في شأن اي دعم جوي لمقاتلي المعارضة السورية التي ستعود الى القتال في سوريا"، مناقضاً ما كان قاله قبل خمسة أشهر بتأكيده للصحافيين كلام هيغل.


أحد الاسئلة العالقة في ما خص هذا البرنامج يتعلق استنادا الى صحيفة "الوول ستريت جورنال" بماذا اذا كانت المقاتلات الاميركية قادرة قانوناً على ضرب قوات الاسد، وإن دفاعاً عن الثوار الذين دربتهم، في الوقت الذي لا تعتبر واشنطن في حرب مع سوريا.
الباحث في "مركز العمل الوقائي" التابع ل"مجلس العلاقات الخارجية"، ومقره واشنطن ميكاه زنكو ينقل عن مسؤول في "البنتاغون" وآخر في القيادة المركزية للقوات الاميركية أن قائد العمليات الخاصة في القيادة المركزية الاميركية الميجر جنرال مايكل ناغاتا الذي يشرف على برنامج التدريب والتجهيز كان حريصاً خلال لقائه زعماء في المعارضة السورية والمجتمع المدني في اسطنبول على عدم الافراط في شأن الدعم الذي تقدمه واشنطن واية تحالفات عسكرية أخرى في المستقبل.ومن جهتها، نقلت "الوول ستريت جورنال" عن ناغاتا قوله أمام نواب اميركيين أنه يريد اقامة خط امداد ودعم جوي أكثر اتساقاً للمقاتلين.


أمام هذه الصورة المتناقضة، يقول الباحث زنكو أزمة أن ثمة مسؤولين أميركيين يحشدون ويغربلون ويدربون قوة شبه عسكرية في الميدان، فيما لا يزال البيت الابيض غير حاسم بعد في شأن أي غطاء جوي سيحصل عليه الثوار عند وصولهم الى ساحة الحرب، وما ستكون مهمة الثوار تحديداً. وبذلك يخلص الى أن هذه الصورة تذكر بأزمة خليج الخنازير، العملية الفاشلة التي نفذتها قوات من الكوبيين المنفيين دربتها لغزو جنوب كوبا وقلب نظام كاسترو والتي لا تزال أحد أكبر الغاز الحرب الباردة.


3 فرضيات


ففي ظل الغموض الذي يكتنف تفاصيل برنامج التدريب، يعرض الباحث الاميركي ثلاث فرضيات ستواجه الدفعة الاولى من الثوار والتي يفترض أن يبلغ عديدها 1200 من أصل خمسة الاف يشملهم البرنامج، أولاً أن هؤلاء سيواجهون تفوقاً في العديد والعتاد من الجيش السوري والميليشيات الموالية له. فبحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، لا يزال هناك 178 الف جندي سوري في الخدمة الفعلية، و"الدولة الاسلامية" لديها نحو 30 الف مقاتل ملتزم، اضافة الى عشرات الالاف من المقاتلين الاخرين ذوي الولاءات والاهداف المتعددة. ثانيا، سيكون هؤلاء هدفا فورياً لـ"داعش" والقوات البرية والجوية السورية، وربما لـ"جبهة النصرة" وقوات أخرى.وثالثا، سيشكو المقاتلون المدربون الى الصحافيين الاميركيين من أنهم وعدوا بكمية أكبر من الاسلحة المتطورة والذخائر والتمويل والدعم الجوي .


وانطلاقاً من هذه الفرضيات، يوجه ثمانية أسئلة يقول إن الشعب الاميركي ودولا أخرى في الائتلاف الدولي وطبعا الثوار السوريين يدينون بتوضيحات في شأنها. ويسأل: أولاً من أين ستخرج الطلعات الجوية الجديدة التي ستكون ضرورية على مدار الساعة، وهل ستسمح تركيا التي منعت استخدام أنجيرليك لضرب داعش، باستخدام القاعدة لضرب قوات الاسد؟ وثانياً،هل توفر واشنطن دعما جويا قريبا للثوار عندما يكونون مهددين من "داعش" وتمتنع عن ذلك عندما يكون الجيش السوري أو الميليشيات الموالية له أو قوات معارضة أخرى مصدر التهديد؟ هل ان واشنطن مستعدة لتصعيد التزامها للثوار الى حرب مفتوحة مع ايران، إذا تبين أنهم تعرضوا لهجوم من "حزب الله" أو الميليشيات الايرانية؟ وثالثاً، بماذا يرتبط قرار واشنطن توفير دعم جوي للثوار؟ ورابعا، هل يمكن الوثوق بالثوار لتحديد الاهداف؟ وهل ترسل واشنطن سلاحاً متطورا الى الثوار اذا احتاجوا اليه؟ وخامساً، هل سيحصل حلفاء الثوار المدربون على غطاء جوي، وماذا اذا قرر الثوار المدربون الانضمام الى ميليشيات أخرى وتنسيق تحركاتهم القتالية معهم؟ هل تتدخل قوات أميركية لانقاذ ثوار في حال الخطر، وهل تلتزم واشنطن ارسال قوة محمولة لاخراج ثوار من سوريا؟ وثامناً، ماذا يحصل اذا نجح الثوار؟


أسئلة تبدو مشروعة في ظل التردد الاميركي في الانخراط في النزاع السوري عموماً وتوفير الدعم للمعارضة المسلحة خصوصاً. ويزيد مشروعيتها المشهد المتفاقم للنزاع السوري والذي ينذر تجريد البرنامج من أي فائدة عملياً.


[email protected]


Twitter: @monalisaf


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم