الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بطريرك مغضوب عليه: "غير مستحق" هتفت الأصوات!

المصدر: "أ.ب"
بطريرك مغضوب عليه: "غير مستحق" هتفت الأصوات!
بطريرك مغضوب عليه: "غير مستحق" هتفت الأصوات!
A+ A-

في قداس الاحد أخيرا، تشارك مسيحيون عرب بحماسة في التراتيل والصلوات القديمة، الى ان ذُكِر اسم زعيمهم الروحي. "غير مستحق، غير مستحق، غير مستحق"، هتف بعضهم معا ازدراءهم لثيوفيلوس الثالث، بطريرك الروم الأرثوذكس في القدس، وزعيم نحو 220 الف مسيحي عربي في الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية.


في الأسابيع الأخيرة، تكررت هذه الهتافات خلال خدمات الصلاة، كأحدث مؤشر الى متاعب تواجهها هرمية كنسية متحفطة، كان زعيمها السابق أُبعِد قبل عقد من الزمن، اثر مزاعم انه باع اليهود ممتلكات رئيسية للكنيسة، في محاولة لتعزيز وجودهم في القدس الشرقية.


الممتلكات العقارية الكبيرة للكنيسة في الأراضي المقدسة تلعب ايضا دورا في الاضطرابات الحالية، وذلك كجزء من مطالب المسيحيين العرب بأن يكون لهم دور اكبر. الثائرون- وكثر منهم مهنيون محترفون مؤمنون من الطبقة الوسطى- يريدون ان تعزز الكنيسة رجال الدين العرب فيها، وان تستثمر أكثر في الرعايا العربية، وان تفتح ملف الصفقات العقارية السرية.


"لا مشكلة لدينا مع البطريرك نفسه"، يقول حنا عويس بعد القداس في كنيسة دخول السيد الى الهيكل للروم الأرثوذكس في عمان. "لدينا مشكلة مع القواعد، مع الطريقة التي يعاملوننا بها، ويتعاملون مع الكنيسة والممتكلات".


الحملة على البطريرك قسّمت القطيع العربي. منذر حدادين، وهو مؤيد للبطريرك ووزير اردني سابق، يرى في المحتجين "أقلية صاخبة"، مشددا على وجوب ابقاء الهوية السياسية خارج الكنيسة. "المسيح لم يأت إلى هنا لإنقاذ العرب (فقط). لا توجد قومية داخل الكنيسة".


البطريركية جُرَّت مرارا وتكرارا إلى الصراع العربي-الإسرائيلي حول ثرواتها العقارية، خصوصا تلك الواقعة داخل أسوار مدينة القدس القديمة التي تضم صروحا رئيسية للمسيحية واليهودية والإسلام. "هذا هو عبء الكنيسة، أن تكون لديها ممتلكات كثيرة وضغوطا سياسية كثيرة من جميع الجهات"، يقول أمنون رامون، وهو أستاذ الدين المقارن في الجامعة العبرية في القدس.


والضغط بدأ يثقل على ثيوفيلوس الذي انتخب العام 2005 ليحل محل البطريرك المخلوع ايرينيوس الأول اثر ابرامه صفقات الأراضي المزعومة. وفقا للعرف المتبع، انتخاب بطريرك يستوجب ان تعترف به حكومات المناطق التابعة له، وفي هذه الحالة إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية.


من جهته، سحب الأردن لفترة وجيزة اعترافه الأولي العام 2007 بسبب فشل ثيوفيلوس في استعادة أراضي الكنيسة وزيادة المشاركة العربية، وفقا لبرقية ديبلوماسية أميركية نشرتها "ويكيليكس". وحجبت إسرائيل اعترافها حتى العام 2007، في وقت شكا ثيوفيلوس، وفقا لبرقية ديبلوماسية أخرى، من أن اسرائيل تحاول الضغط عليه لإتمام صفقات الأراضي المعلقة.


الكنيسة ترفض أن تحدد حجم ممتلكاتها. وينقل حدادين عن مسؤولين في الكنيسة ان ممتلكات الكنيسة توازي بين 64 و70 مليار دولار. ويفيد المتحدث باسم البطريركية عيسى مصلح ان الكنيسة تملك نحو 40 في المئة من العقارات في القدس القديمة، لكنه يجهل قيمة كل الممتلكات.


وينفي أن يكون ثيوفيلوس أعطى اسرائيل صفقات مغرية حول عقود إيجار الأراضي في القدس، مؤكدا أنه يعمل جاهدا لاستعادة الممتلكات التي يزعم ان سلفه باعها. ويمتنع عن تقديم تفاصيل. "لدينا الحق في استخدام ممتلكاتنا واتخاذ قرارات بشأنها، وفقا لمصالح المؤمنين"، يقول في مقابلة في مقر البطريركية. بالنسبة اليه، المحتجون مهتمون أساسا بالقطاع العقاري. "يريدون وضع البطريركية تحت سيطرتهم. ولو كانت البطريركية من دون أي ممتلكات، لما سأل أحد. أنا واثق من ذلك".


من جهتهم، يؤكد معارضو البطريرك ان مطالبهم تتعلق بالمسائل الروحية، بقدر ما تتعلق بالأعمال. ويقولون انهم يريدون معاهد دينية محلية بالعربية وأديرة للذكور، بما ان الكهنة المتبتلين يمكنهم الارتقاء، بخلاف الكهنة العرب المتزوجين الذين يخدمون في الرعايا. حاليا، يشكل اليونانيون الغالبية الساحقة من أعضاء المجمع الذي يتخذ القرارات في البطريركية.


كذلك، يريد المسيحيون العرب من الكنيسة ان تعتمد اللامركزية، وان تقيم هيكلية ابرشية، في وقت يقول أنصار البطريرك انه يريد تعزيز الكهنة العرب، رغم أن معظمهم ليسوا مستعدين للتخلي عن الزواج.


وقد "اندلعت" الجولة الحالية من الاحتجاجات اثر إقالة كاهن كاريزمي من الضفة الغربية، الأرشمندريت خريستوفورس عطا الله، الذي كان يدير ديرا للنساء شمال عمان من أواخر التسعينات. وقد ظهر خريستوفورس كصوت بارز في حملة الاحتجاج. وتعهد المحتجون بالاستمرار من دونه، كما فعلوا في وقت سابق في كنيسة تقدمة السيد الى الهيكل.


كل مرة ذكر اسم ثيوفيلوس خلال الطلبات الكهنوتية- 3 مرات في خدمة صلاة مماثلة- هتف بعضهم وسط الحشد: "غير مستحق، غير مستحق، غير مستحق"، "بدلا من "يا رب ارحم". ويجد بعضهم ان مثل هذه الاحتجاجات تخريبية. "يمكنك ان تقول انه مستحق أو غير مستحق خارج الكنيسة، ولكن ليس في منزل السيد المسيح"، تقول احدى المؤمنات دينيز بطشون.


يقول بعضهم ان الكنيسة تحتاج إلى إجراء إصلاحات، إذا ارادت الحفاظ على المؤمنين. ويفيد سام نوبل، وهو خبير في الأرثوذكسية اليونانية، أن الكنيسة خسرت باطراد من القرن الثامن عشر، أتباعا لمصلحة طوائف أخرى، حيث يمكنهم المشاركة في شكل كامل. "إذا رفض البطريرك الاذعان، فسيستمر النزف. واذا لم تتغير البطريركية، فلن تكون في نهاية المطاف سوى شركة عقارات قابضة، من دون أي مؤمن في المنطقة".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم