السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"حوار" و ثوابت

علي حماده
A+ A-

كما كان ينبغي، جاء خطاب سعد الحريري في مهرجان البيال احياء للذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري متمسكا بمجموعة من الثوابت من ناحية، و من ناحية ثانية بـ"الحوار" مع الطرف الآخر على رغم عمق الخلاف حول قضايا جوهرية تمس ليس حاضر البلاد فحسب، بل مستقبلها خصوصاً. فقرار الدخول في "الحوار " مع "حزب الله" لم يتخذ بخفة، بل أتى على خلفية قراءة معمقة لواقع لبنان في قلب منطقة ملتهبة تشهد شلالات من الدم في كل زاوية من زواياها. وكان السؤال الاساسي الذي توقف عنده الحريري قبل اتخاذه قرار الدخول في "الحوار": هل يسهم الاستقلاليون في دفع لبنان نحو النار وشلالات الدم؟ ام على العكس يسهمون في منع ذلك؟ اضافة الى هذه النقطة الاساسية كانت اسئلة تتعلق بيوميات اللبنانيين في ظل الازمة الاقتصادية، والازمات الناشئة عن التوتر المذهبي الذي يجتاح المنطقة، وقد وصل الى لبنان محمولا على اكتاف "حزب الله" بالدرجة الاولى، بسبب ممارساته داخلياً وخارجياً.


لم يكن سعد رفيق الحريري إلا ليتخذ قرارا يمنع لبنان من الانزلاق خلف "جنون" البعض المتوهم بانتصارات وهمية في حين انه لم يجلب للبنان ولبيئته سوى احقاد عميقة، وحروب دائمة في كل مكان. لكن قرار "الحوار" لم يكن ينطوي على الاستسلام للأمر الواقع لان الاستسلام، للأمر الواقع معناه أولاً وآخراً تحويل لبنان بحيرة من الدماء بفعل جر الجميع الى مشاريع الحديد والنار في سياق اجندات خارجية حولت الكثيرين في العالم العربي ضحايا ومشاريع ضحايا من العراق الى اليمن مروراً بسوريا ولبنان.
بناء على ما تقدم، ساند جمهور الاستقلاليين قرار الحريري الدخول في حكومة واحدة مع "حزب الله" حتى قبل ان يكف عن تورطه في دماء السوريين، وقبل ان يقدم على خطوات ايجابية تخفف الاحتقان كمثل الاقدام على حل شلل "سرايا المقاومة" المسلحة. وكذلك سانده الجمهور عينه في قرار "الحوار" على قاعدة ان حماية البلد من الفتنة تتقدم كل شيء آخر، وان يكن الطرف الآخر لم يقدم شيئاً في الاساسيات.
اليوم يعلن سعد الحريري ان "الحوار" مستمر. وعليه فـ"تهدئة" المرحلية مستمرة، وان لم ترتقِ الى "تسوية"، ومن المبكر جداً ان تصل الى مستوى الحل للازمة اللبنانية .
"الحوار" ضرورة؟ نعم لكن الاستسلام ممنوع، والمواجهة السياسية السلمية مع مشروع "حزب الله" يجب ان تستمر الى ان يعودوا الى الدولة بنزع سلاحهم غير الشرعي، والتحول الى مشروع سياسي لبناني يخضع للدستور، والقانون، والتوازنات الدقيقة. مواجهة مستمرة بوسائل سلمية، و"حوار" مستمر بروح انفتاحية، وإن كانت التجارب السابقة كلها تدفع العاقل الى عدم الوثوق اطلاقاً!


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم