الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

هل غيّر الغرب نظرته تجاه النظام السوري؟

المصدر: باريس-"النهار"
سمير تويني
هل غيّر الغرب نظرته تجاه النظام السوري؟
هل غيّر الغرب نظرته تجاه النظام السوري؟
A+ A-

في تطور لمقاربته الحلّ في سوريا يعول الغرب على استقطاب كوادر من النظام السوري للمشاركة في مباحثات مع المعارضة المعتدلة لتطوير خطة سياسية في سوريا تؤدي الى عملية انتقال سياسي.


ويمكن اعتبار المبادرة التي قامت بها روسيا لجمع أعضاء من المعارضة السورية والنظام السوري في موسكو بين ٢٦ و٢٩ كانون الثاني كانت نتائجها دون التوقعات لعدد من الأسباب، أولها ان روسيا وإيران هما حليفتان للنظام السوري ولان المشاركة التي كانت الخارجية الروسية قد أعلنت عنها عند إطلاق هذه العملية كانت جامعة لأطياف المعارضة السورية فيما الذين حضروا لم يمثلوا سوى اتجاه منها مع استمرار تغليب المصالح والاعتبارات الذاتية على المصالح الوطنية، دون عرض حلول بناءة.


ورحبت الدول الغربية الصديقة للمعارضة السورية المعتدلة بهذه المبادرة بحذر كبير، ولكنها لم تحاول إفشالها لعدم وجود مخارج اخرى مطروحة على طاولة المفاوضات بين النظام والمعارضة، فيما الصراع مستمر في سوريا وسيدخل بعد شهرين سنته الخامسة. إضافة الى زيادة ارتدادات الازمة السورية على دول الجوار مثل لبنان والأردن والعراق وتركيا وهي تهدد استقرارها الداخلي.


ومنذ اندلاع الصراع استقال موفدان للأمم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا من منصبيهما (كوفي انان والأخضر الإبراهيمي) لعدم قدرتهما على إيجاد حلول للازمة المستعصية، كما وان مؤتمرين في جنيف عامي ٢٠١٢ و ٢٠١٤ لم يتمكنا من تقريب وجهات النظر بين الاطراف الغربية والإقليمية والمحلية، وأخيراً إن عدم تنفيذ التهديد بضربة على سوريا عام ٢٠١٣ بعد اكتشاف استخدام النظام سلاحاً كيمائياً ضد شعبه اطال الازمة وغير المعطيات.


ويلاحظ أخيراً في الغرب تعديل في اللهجة في تعاملهم مع نظام الرئيس الاسد من جراء انسداد أفق الحل وتناقض تفسير بيان جنيف؛ فالدول حلفاء المعارضة دعوا، بالتوافق بين المعارضة والنظام، الى تشكيل حكومة انتقالية مع كامل الصلاحيات وهذا معناه رفض اي دور مستقبلي للرئيس الاسد.
اما الجديد في الخطاب الغربي تجاه النظام السوري، فهو التحول من دعوة كوادر للنظام الى الالتحاق بأكثرية مؤلفة من المعارضة السورية، الى توجيه رسائل لهم للمشاركة باجتراح حلول مع المعارضة بدلاً من فرض الحلول عليهم.


ويمكن اعتبار ذلك تطوراً ملموساً بخاصة في تصريحات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي يحذر من انهيار تام للدولة كما حصل في العراق. لذلك يعتبر انه يتوجب التعاون مع اشخاص من النظام، ولكنه يشدد "اننا لا نقبل ببشار الاسد الذي ساهم في قتل اكثر من ٢٠٠ الف شخص لانه لا يمكنه ان يشكل مستقبل شعبه". ويضيف "اننا نساعد على الوصول الى حل سياسي يشارك فيه أفراد من النظام".
اما الرئيس الاميركي باراك اوباما فقد أتى على ذكر الاسد بكلام مشابه منذ نحو شهرين خلال اجتماعات مجموعة الدول الصناعية في اوستراليا، فقال: "لا يمكن اجراء اي تحالف مع شخص فقد كل شرعيته تجاه شعبه" . وفي خطابه الأخير في ٢٠ كانون الثاني لم يذكر سوى مساعدات عسكرية للمعارضة المعتدلة ضد الدولة الاسلامية.
وتتحرك الديبلوماسية الفرنسية منذ أسابيع لإعادة تموضعها وإقامة حوار مع بعض كوادر النظام السوري في إطار تحرك يدعمه ائتلاف دولي ومنهم روسيا التي بامكانها اضفاء شرعية واسعة على هذا التحرك.
ويعود تعديل الموقف لتطورات حصلت على الارض : فالمعارضة المعتدلة أظهرت حدودها وهي الان مهمشة وثانياً من الصعب استمالة خطاب يرفض التفاوض مع الاسد فيما الغارات الجوية التي تقوم بها الولايات المتحدة في إطار الائتلاف الدولي ضد مواقع الدولة الاسلامية تؤدي الى نوع من التعاون مع نظام الاسد.


وهذه الاستراتجية تظهر مدى الاختلافات بين المشاركين بالائتلاف الدولي ومنهم باريس الذي تعتبر ان الافضلية المعطاة للحرب ضد "داعش" تهدد أفق حل وتدعم النظام السوري" وتحذر مصادر من انه اذا تمكن الائتلاف الدولي بعد سنتين من القضاء على الدولة الاسلامية ستكون المعارضة المعتدلة قد انفجرت اذا لم تدعم ولن يبقى على الساحة سوى بشار وانتقال السلطة سيُصبِح حلما."


ولا يمكن اعتبار تعديل الخطاب الغربي تجاه الاسد في المرحلة الاولى سوى إشارات الى موسكو وطهران داعمتي النظام، وبخاصة تجاه ايران التي لديها نفوذ اكبر في سوريا من روسيا ونفوذ اكبر في العراق من الولايات المتحدة.


والسؤال المطروح من اجل التوصل الى حل وسطي مع النظام يؤدي الى طرح العديد من الأسئلة ومنها ماذا سيكون تاثيره على الائتلاف الدولي فيما رحيل الاسد شرط أساسي لدول مثل تركيا؟ والى اي درجة يمكن الاتفاق مع ايران فيما يقوم الغرب بمحاولة للتوصل الى اتفاق حول النووي الايراني؟
ويجدر التنويه إلى ان المفاوضين من مجموعة الخمسة زائد واحد كانوا ولا يزالون يصرون على فصل الملفات السياسية عن الملف النووي، وليس هناك معلومات عن حل وسطي للنووي يؤدي في المقابل الى المقايضة على الاسد.
والرئيس اوباما يعتبر ان الملفين منفصلان لان الاتفاق النووي مع ايران حدده في إطار السنتين المتبقيتين من عهده، فيما انه حدد ان القضاء على "داعش" يتطلب فترة زمنية أطول تتخطى ولايته الثانية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم