الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الكابوس في الديوان

امين قمورية
A+ A-

الدخول الحوثي الى القصر الجمهوري رفع الستارة التي كانت تحجب حجم الكوارث المختمرة في اليمن، فانقلاب "أنصار الله" في صنعاء و"عودة المنتقم" علي عبد الله صالح الى العابه السحرية في معاقله الشمالية فتح شهية الحراك الجنوبي على الانفصال بعدما سقطت آخر قشة حكومية يمكن التمسك بها. و"القاعدة" التي تنمو وتكبر بغذاء التعصب والفتنة وجدت في الفوضى مرتعا لها لتسرح وتمرح الى درجة ان واشنطن اعتبرت فرعها في هذا البلد الاخطر في العالم. والحال هذه لمَ لا تمتد الايدي الخارجية الى هذا الموقع الاستراتيجي الحساس لتجعل اليمن ساحة جديدة لتصفية الحسابات الاقليمية وممارسة الابتزاز السياسي والديبلوماسي والامني؟


علات هذا اليمن غير السعيد لا تحصى ولا تعد، لكن اكبرها الفقر وقلة التدبير، فالحوثي ابن القبائل التي كانت متحالفة مع الرياض ما كان لينتفض على حكومات صنعاء وينقل بارودته العقائدية من الزيدية الى الشيعية الاثني عشرية، وما كان ليمد يده الى طهران لو نعمت صعدة بالحد الادنى من مستلزمات العيش الكريم لاهلها وبعض التنمية لمناطقهم. والجنوبي الشافعي ماكان ليتخلى عن دولة الوحدة لو اتيح لاهل عدن وحضرموت والمكلا افضل مما كان عندهم في دولتهم المستقلة السابقة. والتطرف والمتطرفون ايضا ماكان ليزداد عديدهم لولا امداده بجيوش من الشباب الجائعين.
ثمة سؤال يدور في الاذهان منذ ما قبل انفجار الربيع العربي، هل كان اليمن سيلتحق بركب الفوضى والتشظي لو قبل عضوا في مجلس التعاون الخليجي؟ ام ان العضوية فيه هي للاغنياء فقط ولا يحق للفقراء سوى بيع قوة عملهم بثمن بخس لهؤلاء؟
اليمن ينافس على مرتبة الدولة الاكثر فقرا في العالم، عدد سكانه 25 مليونا وناتجه القومي الاجمالي قرابة 35 مليار دولار فقط، في حين ان جيرانه في دول التعاون ينعمون بناتج يتجاوز الالف مليار دولار، علما ان العمالة اليمنية في الخليج وخصوصاً في السعودية هي اقدم العمالات في هذه الدول ولها سجل مشهود له في المساهمة في نهضتها العمرانية وحراكها الاقتصادي وازدهارها، فلو اشرك اليمن ببعض هذه النعم كشريك فاعل وليس كمتسول كما جرى التعامل معه، هل كان وصل هذا البلد الى حافة الانفجار الخطير الذي سيكون انفجاره مؤذيا ليس فقط لاهله انما لكل جيرانه؟
الكابوس اليمني سبق القيادة السعودية الجديدة الى ديوان العرش، وبعدما صار سلاح المال أمضى أسلحة العصر، يخشى ان تكون كلفة تبديد هذا الكابوس اغلى بكثير مادياً وسياسيا وامنياً واجتماعياً من كلفة انضمام اليمن الى مجلس التعاون لو تمّ في الوقت المناسب.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم