الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

كيف انتقل مايكل حداد من كرسيه النقّال إلى تسلّق الجبال؟

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
كيف انتقل مايكل حداد من كرسيه النقّال إلى تسلّق الجبال؟
كيف انتقل مايكل حداد من كرسيه النقّال إلى تسلّق الجبال؟
A+ A-

يعيدك الحديث مع "النجم" الرياضي مايكل حداد (33 عاماً) إلى "لبنان الرسالة"، هذا الوطن الذي يمشي فيه مايكل متخطّياً الصعاب ليغرس على تلاله علم لبنان أو يغمس في ترابه أرزة.


هذا الرجل الوسيم، الذي جعل الجمهور اللبناني يتصبّر أمام شاشة التلفاز ليراه يتسلّق صخرة الروشة بمؤازرة قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز ومجموعة من جنوده نجح بإرادته الصلبة أن يصل إلى أعلى الصخرة ليرفع عليها علم لبنان. أمّا المغزى من بطولات مايكل، الذي يعاني شللاً من صدره إلى أسفل، فهو نَشْر الوعي بين الرأى العام أن "كلاً منا يعاني نقصًا ما". لكن بالنسبة إليه، فإن الإعاقة كما يتحدث عنها بعضهم مفهوم تخطاه الزمن ويتأصل فعلياً في أنماط التفكير داخل النفوس...".


هذا الكلام الذي بدأ به مايكل لقاءه مع "النهار" اختصر التحدّي الذي يعيشه في حياته اليومية. بكل بساطة، تتوجه الأنظار إلى إنجازه الجديد، الذي يتمثل في تسلّقه قرنة السوداء مرتدياً السترة الميكانيكية التي تصممها الجامعة اللبنانية الأميركية بالتعاون مع شركة "فينيكس" دعماً لمسيرته الرياضية وإيماناً بدوره الشبابي.


كنت أحلم أن ألعب مع رفاقي


عندما بدأنت الحديث مع مايكل بسؤال عادي، قاطعني قائلاً: "ألا تريدين معرفة كيف أصبت بالشلل؟" وقعت الحادثة عندما كان في السادسة من عمره، وأَجبرت الحرب عائلته على الانتقال إلى البحرين ليكمل والده أسبر عمله كمهندس في طيران الشرق الأوسط، التي كانت في حينها تؤمن بعض رحلاتها من البحرين. قال: "توجهت مع والدي في حينها لممارسة رياضة "الجيت سكي"، وخطر لي أن أدير محرك الآلة ولما وضعت رجلي على دواسة البنزين وانطلقت، نتج عن ذلك ارتطام ظهري بحائط المارينا".


أعلم الأطباء أهل مايكل أنه يعاني شلالاً من صدره حتى أسفل رجليه. حاول مايكل، الإبن الوحيد للعائلة بين خمس شقيقات، أن يتعالج في لندن والولايات المتحدة ولكن من دون جدوى. ولمّا عاد مايكل وعائلته إلى لبنان، دخل عالماً جديداً استمر فيه خمسة أعوام أسير الفراش والكرسي النقال. قال: "عدت إلى بيروت والتحقت بمدرسة يسوع ومريم. كنت أبقى وحيداً في الصف خلال أوقات الفرصة، أو برفقة الأب جوزف أسمع هيصات الرفاق. كنت أحلم أن ألعب، وكان ذلك صعباً جداً إذ لم يكن بوسعي نزول الدرج للتوجه إلى الملعب".


بدعم من والده، قرّر مايكل، الذي كان يتابع علاجه الفيزيائي، أن يتخلّى عن كرسيّه النقال، ما ألزمه على ارتداء جهاز تقويمي "ثقيل مصنوع من حديد" ليواجه أمرين الأول نظرة الناس إليه، والثاني ليستطيع المشي ولو خطوة. قال: "سقطت مراراً عدة على الأرض. شعرت بالألم قبل أن أتمكن من المشي. رفضت نظرة الناس ووضعت إطاراً لمهمتي".


من لبنان ... إلى العالم


بعد دراسة القانون في جامعة الحكمة، حدد مايكل رسالته الخاصة في الحياة وهي تعميم ثقافة السلام والإنسانية. بروحه الإيجابية والقيادية، وجد مايكل في طريقه رفاق درب لرسالته منهم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، السيد نعمت إفرام، الدكتور جوزف جبرا والعميد شامل روكز والقس حبيب بدر والنقيب جورج بويري وسواهم. باختصار، شعر مايكل بأنهم عائلته الكبرى الداعمة له دون مقابل. برأيه، جمعه معهم شغف العطاء والإنسانية اللامتناهية.
وعندما سألناه كيف وضع هذا التحدّي نصب عينيه؟ ابتسم قائلاً: "تخطيت الخوف من صعود درجة واحدة. قبلت الوقوع أرضاً لأقف من جديد. تصالحت مع واقعي. زرع الرب يسوع السلام الداخلي في قلبي. وقرّرت أن أترجم رسالتي بأفعال عدة". عدّد مايكل بطولاته الرياضية ومنها المشي من أرز بشري إلى أرز تنورين. شرح أنه مشى مسافة تقاس بـ 5000 خطوة لأغرس أرزة لأن لبنان يعني لي كثيراً. بالنسبة إليه، رسالته تتخطى المكان الذي يحدّه لأن رسالته تهمّ العالم كله.


توالى الحديث عن إنجازاته الرياضية التي شملت محطات عدة منها، مواكبته مشيًا حملة تنظيف الشاطىء بالتعاون مع جمعية "بيغ بلو"، وصولاً إلى تسلّقه صخرة الروشة، التي لا يرى فيها رمزًا للانتحار بل معلمًا ينبض "بالحياة". ونوّه مايكل بدعم قائد الجيش جان قهوجي لمسيرته، مشيراً أيضاً إلى دور أساسي للعميد روكز ومجموعة المغاوير، الذين يشكلون حافزاً لدفعه إلى تسجيل إنجازات ترفع اسم لبنان عالياً."
يخضع مايكل إلى نظام رياضي يومي للحفاظ على قوة عضلات يديه وأعلى صدره، ليكون مستعداً لمواجهة ايّ تحد. ويرى في مشاركته في سباقات الجيش اللبناني الحافز المهم لتجديد الإيمان بلبنان. لكن الأهم هو أنه يستعد ليتتسلق القرنة السوداء مستخدماً الجهاز الذي تصمّمه خصيصاً له الجامعة اللبنانية الأميركية.


البحث عن النصف الآخر... وحبّ العائلة


يعيش مايكل في إنطلياس، مسقط رأسه الذي يحبها كثيراً، محاطاً بالأهل والأصحاب. وينعم باستقلالية كاملة في قسم من بيت والديه. يشغل مايكل نفسه في قضيته، ويتابع مراحلها في مكتب خاص له في صومعته. يتواصل دائماً مع أولاد بعض شقيقاته المتزوّجات خارج لبنان، ويخصّص لهم وقتاً للتواصل معهم. تأخذه أحياناً الذاكرة إلى شقيقته التي غلبها المرض العضال وغادرت هذه الدنيا منذ 8 أعوام وهي في ربيع عمرها، والتي ما زال ألم فراقها يراود أهل البيت كلاً على طريقته.


يتطلع مايكل إلى الحب ويصبو إلى لقاء إمرأة تتفهّم قضيته وتسانده بكل جوارحها. ويأمل بلقاء الحب الحقيقي الذي يتكلل ببناء عائلة سعيدة. لمايكل شغف كبير في متابعة الكتب اليابانية، التي تساهم في تعميق الفكر وترشيده. ويعمل على زيادة مجموعة القطع القديمة المصنوعة باليد. ويهوى السفر وتجذبه الثقافة اليابانية التي اختبرها خلال زيارته البلد.


مايكل يصبو في الـ 2016 أن يمشي على جليد القطب الشمالي ليرفع اسم لبنان. فهل يحظى بالتفاتة خاصة من دولتنا تقديراً لإنجازاته؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم