الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لقاءات حصرية لـ"النهار" مع مزارعي الحشيشة

المصدر: "النهار"
وسام اسماعيل
لقاءات حصرية لـ"النهار" مع مزارعي الحشيشة
لقاءات حصرية لـ"النهار" مع مزارعي الحشيشة
A+ A-

أثارت تغريدة النائب وليد جنبلاط الاخيرة عبر "تويتر" التي دعا خلالها الى تشريع زراعة "حشيشة الكيف"، اهتمام أهالي منطقة البقاع وخصوصاً مزارعي وتجار هذه النبتة في سهل بعلبك، في وقت يجهد مزارعو هذه النبتة لتصنيعها بعدما نالت قسطاً طويلاً من أشعة الشمس ما جعلها جافة ومعدة للتصنيع هذه الأيام.


زراعة حشيشة الكيف قديمة العهد بدأت منذ ثلاثينيات القرن العشرين في منطقة بعلبك - الهرمل وان كانت بشكل محدود، غير انه منذ العام 1975 مع بداية الحرب الاهلية وما نتج عنها من ضعف لسلطة الدولة في المنطقة توسعت هذه الزراعة وشملت مساحات وصلت الى 16000 هكتار، ووصل الانتاج الى قرابة الف طن من الحشيشة مغدقاً الدخل الكبير على الأهالي.
وقد شجع هذا الأمر على زراعة هذه النبتة الممنوعة بالاضافة الى وجود عوامل عدة ساعدت في زراعتها ومنها ملائمة طقس المنطقة الشبه جاف لهذه النبتة وعدم احتياجها للري كثيراً بحيث ان الاهمال التاريخي للمنطقة التي يعتمد اقتصادها على القطاع الزراعي في ظل عدم وجود انظمة ري، كان دافعاً بارزاً لانتشار زراعة الحشيشة.


لم تجد الدولة الى يومنا الحلول المناسبة لهذه الزراعة الممنوعة والمحرمة في منطقة بعلبك – الهرمل والتي توارثها مزارعوها اباً عن جد خصوصاً مع فشل جميع محاولات اتلافها منذ العام 1991 إثر قرار اتخذته حكومة الرئيس سليم الحص بدعم دولي واقليمي لمنع زراعة المخدرات وحصلت حينها على تأييد ضمني من المجلس النيابي وحصلت عمليات التلف بمساعدة من الجيش السوري .
اما مبادرات الامم المتحدة في ملف الزراعات البديلة التي كانت اطلقتها في العام 1993 فقد فشلت بحيث لم تدرس برامج الزراعات البديلة حاجات المنطقة وتقديم الدعم لبرنامج تنمية متكاملة ضمن مخطط واضح يدفع المزارعين الى الامتناع عن هذه الزراعة .
ودفعت كل هذه الاسباب المزارعين الى تمسكهم بزراعة المخدرات حتى وصل الامر الى مواجهة القوى الامنية في محاولة لعدم تلف الاخيرة حقولهم المزروعة بحشيشية الكيف خصوصا في السنوات الاربع الاخيرة ترافقها مجاهرة من قبل المزارعين بمواجهة حملات القوى الامنية او تأمين البديل لهذه الزراعة او تشريعها.
" النهار" التقت عدداً من المزارعين الذين اجمعوا على ان الحل الوحيد امام الدولة هو تشريع زراعة المخدرات معتبرين ان تغريدة النائب وليد جنبلاط تعبر عن حال لسان كل مزارع فقير .
المزارع م .ش يدرك انه يخالف القانون بزراعته الحشيشة، لكنه يعتبر ان الدولة والحكومة تخلتا عنهم كمزارعين " كيف بدنا نعيّش أولادنا؟ من زراعة القمح والبطاطا والخضر التي ان لم تتلفها قلة المياه او موجات الجليد لا نجد لها مصدراً يبتاعها بأسعار تعوض تعبها ".
وأكد انه "لولا بضع الدونمات التي يزرعها ويسلمها لمزارعين اكثر قدرة ليقوموا بتصنيعها و تصريفها لا يجد مهنة تؤمن له لقمة عيشه، فهذه الظروف دفعته مجبراً للعودة الى زراعة الحشيشة بعد ان كان جهد لاستبدالها بزراعات بديلة لم تجلب له سوى الخسارة في الوقت الذي تغيب فيه الدولة عن السياسات الزراعية البديلة لتساعد بتجسيد مجتمع زراعي مستقر ".
مزارع آخر ناهز عمره الـ55 عاماً عمد الى اعتماد زراعة القنب الهندي (الحشيش الكيف) منذ العشر سنوات، فكل ما يملكه هو قطعة أرض ورثها عن والده بمساحة 10 دونم في سهل ايعات عمل جاهداً على زراعتها بالعديد من الزراعات المختلفة من تبغ ، دوار شمس، قمح، بطاطا، شمندر سكري، لتكون بمثابة تحول عن زراعة المخدرات الا ان جميع هذه الزراعات لم تؤمن له حياة ولو رغيدة فعاود زراعة الحشيشة بعدما ادرك انه ليس هناك من زراعة مربحة كالمخدرات.


مبالغ وافرة
أحد كبار مزارعي نبتة حشيشة الكيف والذي رفض ذكر اسمه هو من أكثر المستفيدين من الزراعات الممنوعة، فهو من مصنعي ومروّجي هذه النبتة، ويعمد على شراء المحصول من المزارعين الصغار ويقوم بدفع مبالغ وافرة بدل محاصيلهم، فمهما انخفض سعرها تبقى مربحة مقارنة مع الزراعات الأخرى .
ولفت الى ان "المزارعين لم يأبهوا خلال الموسم المنصرم بكل التحذيرات التي اطلقت في ظل اصرارهم على جني المحصول وبيعه"، مؤكداً ان "العام الآتي كذلك الامر سيعمد المزارعون الى زراعتها وبكميات اكبر لذا من الافضل على الدولة ان تشّرعها في اقرب وقت فبعد اشهر قليلة اي شهر نيسان الآتي سيعاود المزارعون النزول الى حقولهم ونثر بذار الحشيشة ".
وأردف: "أقلعنا عن هذه الزراعة لثماني سنوات وليس هناك من بديل أو من يسأل عنا والحديث عن عدم إمكانية تطبيق قانون لتشريع زراعة الحشيشة في بلدنا لأن الأمر سيساعد على انتشار تعاطي المخدرات، هو كلام غير صحيح، فالفوضى موجودة وهناك سهولة في تأمين الحشيشة لمن يرغب غير ان اقفال الحدود يصعّب عملية تهريبها الى الخارج وهو الأمر الأكثر خطورة حيث تصرف الكميات المتوافرة في الداخل ".
ويرى المتحدث ان "الحل لعدم الاستهلاك الداخلي يكون من خلال تشريعها ونقل هذه المادة الى الخارج لكي يحد من استهلاكها داخلياً".


في الغرف البعيدة عن الأنظار، خلية نحل هذه الأيام حيث يتم في هذه الايام تصنيع الحشيشة من خلال أدوات تصنيع بدائية، وقد شارف تصنيعها بكميات كبيرة على الانتهاء، وكل ذلك لعدم قيام الدولة بحملة تلف للمزروعات هذا الموسم نظراً للظروف الامنية التي تعيشها المنطقة.
وفي موازاة التصنيع، يتم توضيب الكميات الكبيرة من البذور بهدف اعادة زرعها في نيسان المقبل.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم