الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ما حقيقة وجود الشيطان وفق الدين المسيحي؟

المصدر: "النهار"
فرج عبجي
ما حقيقة وجود الشيطان وفق الدين المسيحي؟
ما حقيقة وجود الشيطان وفق الدين المسيحي؟
A+ A-

الشيطان تسمية تجمع عليها معظم الاديان. في الدين المسيحي، هو في الأساس ملاكٌ جيّدٌ خلقه الله وأعطاه حرية التفكير واتخاذ القرارات، وحين قرر عصيان كلمة الله جنح في اتجاه الشر.
مطران الموارنة في الارجنتين مار يوحنا حبيب شامية تحدث لـ"النهار" عن امكانية الروايات الشعبية المتداولة حول وجود الشياطين وعن رؤية الدين للأمر.



"ممسوسة بالشرّ"
يخبرنا شامية عن تجربة عاشها خلال خدمته رعايا الرهبنة اللبنانية المريمية في كسروان عن فتاة من دون أن يذكر اسمها، أرادت ان تصاب رفيقة لها بسوء، فاستعانت بأحد المشعوذين الذي قام بأفعال شعوذة لتحقيق إرادتها فطلب منها أن تستدعيَ الارواح وتقول لها: انا بحاجة اليك واؤمن بك". وأضاف: "عندما حصل ما أرادته مسها الشيطان وباتت افعالها تعكس الشر الذي فيها، وشعر مقرّب منها بهذا الموضوع، كما عندما كان يشتكي والدها امامها من احد يزعجه فتقول له: "قل لي من وانا اهتم به لديّ اصدقاء مدعومون اي بمعنى آخر الارواح".
وتابع: "لجأ الينا هذا الشخص وعندما كان يحضرها مجرد ان نرسم اشارة الصليب او نصلي بحضورها كان يؤدي ذلك الى ردات فعل عكسية". وأضاف: "ذات مرة اصطحبناه الى دير يعيش فيه راهب فرنسي وعندما صلينا بحضورها كسرت كل شيء في الكنيسة، لم تترك شيئا وعندما هدأت قالت لنا: "لقد بعثرت شعري من دون ان تعلم ماذا فعلت". وقال : "لكن بعد مرافقتها والصلاة معها خرج الشيطان منها وهي اليوم ربة منزل ولديها اولاد وتعيش حياة سعيدة".



هل الشيطان موجود؟
يعود المطران الشامية الى الكتاب المقدس العهد القديم ليؤكد ان الشيطان في الاساس هو ملاك جيّد لكنه خرج عن طوع الله فأصبح شريراً. ويقول: "الكتاب المقدس يذكر ثلاثة ملائكة في أكثر من مكان وهم الملاك جبرائيل والملاك ميخائيل والملاك روفائيل رئيس الملائكة، وبالنسبة للكنيسة فوجود الملائكة حقيقة ايمانية، لكن الله أعطاهم فكر وارادة، وبعضهم رفضه، وهذا الرفض لا يسامحهم عليه الرب كما يسامح الانسان في كل مرة يخطىء فيها ويعطيه فرصة ثانية، بل قرارهم نهائي كما هو قرار الانسان بعد الموت". وتقول الكنيسة ان "الشياطين ليسوا آلهة لانه ليس هناك اله للخير واله للشر، هناك الله فقط والشياطين هم ملائكة ساقطة رفضت اطاعة الرب".
لماذا سميّ بالشيطان ومن يطرده؟
يوضح المطران شامية ان "الكنيسة تستخدم مصطلح الشيطان في معظم الاوقات وهو يعني بالعبرانية "الشاطان" اي الذي يضع العصا في الدواليب ليعرقل امور الرب او تسميه "Diabolos" باليوناني اي الذي يفرق انساناً عن آخر". ويؤكد شامية انه في "الانجيل المقدس أوكل يسوع الى تلاميذه مهمة طرد الشياطين وشفاء المرضى".



مسّ شيطاني عادي وفوق العادي
وعن أفعال الشرير، يقول شامية :"الشيطان لديه اعمال عادية كالتجربة التي خضع لها يسوع المسيح في البرية عندما حاول اغراءه لاخضاعه له وأعمال غير عادية كاستخدام الأشياء الملموسة لإيذاء الانسان وتعذيبه". ويتابع: "يقول الكتاب المقدس ان "اضرار الشيطان روحية ومادية، فهو يسعى في بعض الأحيان الى إضعاف روح الانسان والتأثير عليه معنوياً لاخضاعه، او يكون له أضرار خارجية ومادية من خلال استخدام الاشياء الملموسة على سبيل الانسان كالأمراض التي تهلك الانسان، والمشاكل في الزواج او في العمل، والله يقول عنه في العهد القديم انه القتّال منذ البدء وابو الكذابين".
ويشرح ان "الأضرار الروحية الداخلية هي المسّ الشيطاني وهي الاسوأ لأنها تسلب الانسان المعرفة والارادة ولا يعود مسيطراً على أفعاله ويقوم الشيطان من خلاله بأعمال شريرة لإيذاء الآخرين".


رتبة التقسيم
وتعتمد الكنيسة رتبة التقسيم لطرد الارواح الشريرة التي يطلب فيها الكاهن باسم الله طرد هذه الارواح. ويوضح انه "ليس كلّ كاهن في إمكانه ان يقوم بهذه الرتبة الا الكاهن الحاصل على إذن المطران وفق الطقس الماروني وعند اللاتين أيضاً يتعيّن وجود شخص في الابرشيات ليقسم على الشيطان". وهناك كتبٌ للتقسيم، فعندما يُعمّد الأطفال يحصل التقسيم العادي، الأول لطرد الشياطين عندما يتجهون نحو الغرب ويكفرون بالشيطان ويعلنون ايمانهم بالثالوث الاقدس وبتعاليم الكنيسة، وهناك التقسيم الكبير الذي يحصل عند المسّ الشيطاني الذي يؤدي الى ضرر مباشر جسدي او روحي الذي يجب تمييزه عن الامراض النفسية كالانفصام في الشخصية التي يمكن ان تعالج عبر الطبيب النفسي والكاهن".



من هو الممسوس؟
وفق المطران شامية ان "من العلامات الكبرى التي تؤكد ان الشخص ممسوس عندما يتحدث بلغات لا يعرفها او عندما يتوقع اموراً ستحدث في المستقبل او حدثت في الماضي ولم يخبره أحد عنها أو عندما يصبح لديه قوة تفوق قوته الطبيعية عندما نصلي عليه. على سبيل المثال: "نعرف شخصاً لم يكن في مقدوره ان يحمل اي شيء بسبب وجع في ظهره وكنا عندما نصلي عليه يختفي الوجع وتحل مكانه قوة غير طبيعية".


وذكر شامية ان "هناك جمعية المقسيمين التي نالت اعترافا قانونيا من الفاتيكان في 13 حزيران 2014 وتضم 300 مقسم يجتمعون في روما ويتبادلون خبراتهم في هذا الموضوع". وهناك ايضا معهد حبري في روما يعلم هذا التقسيم المسيحي لطرد الشياطين في Regina Apostolorum من الناحية الكنسية وعلم النفس والطب.



ويخلص المطران الى ان الصلاة والايمان طريقا النجاة، مشدداً على ضرورة وضع الامور في مكانها وعدم الانسياق وراء الروايات الشعبية المبالغ بها عن المس الشيطاني، والرجوع دائماً الى رجال الدين للخلاص.


 


[email protected]
twitter:@farajobagi

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم