الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

حين تكتشف أميركا الفراغ الرئاسي...

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

الكلام "التوجيهي الكبير"، أو "الموعظة الوطنيّة" التي أدلى بها السفير الأميركي ديفيد هيل لدى مغادرته مكتب الرئيس تمام سلام، لا يجوز تجاوزها أو المرور بها مرور الكرام.


فكلام السفير يفتح الجراح القديمة، كما يفتح الشهيّة مجدّداً على تذكّر "أميركا العظمى وأدوارها المفرقعة التي ذهبت مثلاً، سواءً في لبنان والمنطقة أم في فيتنام وأخواتها.
ونستهل الانعطافة الأميركيّة الجديدة بالمَثَل المصري الشائع: اسمع كلامك يعجبني أشوف أمورك استعجب.
وخصوصاً عندما يؤكّد السفير أنه "في إمكان لبنان الاعتماد علينا وعلى شركائنا في الموضوع الأمني. فهناك دعم دولي واسع للبنان في مجال تحصين استقراره وأمنه".
وليس هذا فحسب، بل دخل المستر هيل في صميم النزف الرئاسي الذي يكاد يمتصَّ كل عوامل الصمود والاستمرار التي يستند اليها البلد في مواجهة مسلسل الأزمات والأطول من المسلسلات التركية والمكسيكيَّة: "إن خيار انتخاب رئيس للجمهورية يجب أن يكون للبنانيين وحدهم، بعيداً من الأجَنْدات أو التدخّلات الخارجيّة. والمجتمع الدولي سيدعم القرار الذي يتخذه اللبنانيّون".
وفي رأي السفير "أنه لا يوجد أي سبب لتأخير عمليّة الانتخاب التي من شأنها أن تؤثر سلباً على الاستقرار في لبنان"...
وثمّة المزيد من هذا النوع من الكلام الذي لا يمكن أن يصدر إلا عن مرجع أميركي، وحيث لا مسؤول أو مواطن عادي على وجه الأرض لا يعرف أن اللبنانيين مغلوبون على أمرهم، وليس القرار الرئاسي في أيديهم، أو يعود قراره الى إرادتهم.
فهو في الخارج. وقراره في الخارج. وواشنطن تعرف أكثر من اللبنانيّين حتماً أن هذا الخارج يُدعى إيران وشركاءها... داخل لبنان وخارجه. فلماذا، إذاً، توجيه الكلام الى اللبنانيّين وتحميلهم مسؤولية وضع تعيس ليس في يدهم حلّ أو حيلة له؟
ولماذا هذا التجاهل الأميركي، وفوقه تجهيل الفاعل الذي يدلّله البيت الأبيض، متجاهلاً كل إبداعاته ومداخلاته وتعطيلاته سواء على صعيد الاستحقاق اللبناني أم بالنسبة الى كل ما يحصل ويجري في المنطقة؟
أما عن "حرص أميركا على استقرار لبنان وحريته في انتخاب الرئيس الذي يراه مناسباً"، فحدِّث ولا حرج. وكأن هيل يتحدّث عن الوضع في سويسرا أو ألمانيا أو...
فالتدخُّلات والأجندات متغلغلة في الصالونات قبل الزوايا، وعلى سن الرمح. وهناك ألف سبب، لا سبب واحد، لتأخير عملية انتخاب الرئيس. والمجتمع الدولي يتفرّج من بعيد.
ولولا التحرّك الفرنسي الأخير في اتجاه إيران، واكتشاف المسيو جيرو حجم التعقيدات المكدَّسة هناك في صدد الفراغ الرئاسي في لبنان، لكان المجتمع الدولي إياه كالزوج المخدوع. والأرجح أنه لا يزال كذلك.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم