اشترِك في نشرتنا الإخبارية
"أحبّها مدينتي، مهد طفولتي الجميل. فيها حلمت حلمي الأول: من هنا، قلت، سأدفق الضياء على بلادي وعلى فناء أبعد. هناك بيتنا القديم، من سنة الستين أخشابه، ولبنه وبعض حيطانه، في ظلّه عبّأ جدي البندقيّات الطوال، فيه رأى النور أبي، لقّن كيف الزأر في الاجم، وكيف بسطة اليد المعطاء. بجنبه ما مرّة مررت، إلا تخيّلت سنى العرس الانيق: ابي وامي خارجان من كنيسة، وأنا بعد حلم. وفرح وصخب وحلقات رقص. أراه بيتنا القديم فوق، في حارة الابطال، في بلدتي زحلة، وحب ّزحلة، ذاك الذي من أجله ربيت". هذا بعضٌ مما كتبه الراحل سعيد عقل في جريدة "البلاد"- العدد 374 الصادر في تاريخ 16-9-1961، أعاد نشرها اندره بركات عقل في الجزء الاول من كتابه "زحلة الديوان – انطولوجيا جماليات في الشعر والنثر".
لا يزال منزل سعيد عقل الوالدي قائمًا هناك في زواريب حارة مار الياس بزحلة. قلّة من الجيل الزحلي الشاب يعرف عنوانه. لم تثمر فكرة تحويل منزل سعيد عقل الى متحف. ليتحوّل المنزل الترابي من طبقتين، الذي جرى ترميمه وصُبّ سقفه بالباطون، مع اعلان وفاة سعيد عقل اليوم، الى محجة للصحافيين، تستقبلهم العائلتان اللتان تسكنان فيه بالايجار.
يقول نمر ريّا الذي يقطن الطبقة الارضية من المنزل، إن سعيد وشقيقه عقل وشقيقتيهما هيفاء واميلي ابصروا النور في ذلك المنزل، الذي لا تزال ملكيته لعائلة شبل عقل والد سعيد. ويروي أن العائلة كانت تسكن طبقته الارضية شتاءً، وتنتقل صيفا الى الطبقة العلوية التي تشغلها اليوم عائلة كورية. ويشير الى العتبة منتصف الدرج الذي يربط بين الطبقتين، ويقول هناك كان سعيد عقل يجلس ليطالع ويدرس.
المنزل الآخر الذي سكنه سعيد عقل، يقع في حي مار نقولا قبالة مطرانية زحلة وبعلبك للروم الارثوذكس. يقول المالك الحالي للمنزل المحامي ناصيف تيني، أن سعيد عقل اشتراه من حليم دموس مطلع السبعينات، وأقام فيه، قبل ان يشتريه تيني العام 1987.
سعيد عقل الذي عشق زحلة وحلم "بأن تصبح شيئاً بهياً: فلورنسة الشرق". ليس له نصيب في مدينته سوى حجر أساس لـ "مركز سعيد عقل الثقافي"، احتفلت بلدية زحلة بوضعه في 9 أيار 2009، في إطار مشروع منطقة زحلة الثقافية. مركز لم يبصر النور بل اصبحت قطعة الارض مرأبًا للسيارات. وجرى تحويل المشروع الى قطعة ارض اخرى، بمساحة اكبر، خلف بارك جوزف طعمه سكاف البلدي، الا ان "مركز زحلة الثقافي – سعيد عقل" ظلّت خرائطه مشروعا على ورق.
سعيد عقل ينتصب اليوم، تمثالا يطلّ على شارع البرازيل من حديقة زحلة العامة "المنشية"، التي تحتضن نصب شعراء المدينة ومفكّريها. رفع له، بمبادرة من الجامعة الاميركية للعلوم والتكنولوجيا AUST. أزاح الراحل بنفسه الستار عنه في احتفال أُقيم في 7 أيار 2011 رعاه رئيس بلدية زحلة – معلقة.
