الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

قصة مؤلمة... رائد متروك للوجع

المصدر: "النهار"
سمير صبّاغ
A+ A-

في غرفة صغيرة يجلس المعوق رائد قبيسي ( 17 عاماً) متكئاً على شقيقته الكبرى ديما التي تركت عملها لرعايته بعدما توفي والده منذ سنة ونصف السنة تاركاً لهم مسؤولية شقيقهم من غير أن يترك لهم أموالاً لعلاجه ورعايته، فهو الميكانيكي الذي بالكاد كان يغطي بعرق جبينه مصاريف رعاية ابنه المعوق الى جانب مصاريف عائلته المكونة من شاب و4 فتيات. إلا أن رائد الحائز على بطاقة المعوق لم يستفد حتى اللحظة من أي تقديمات من الدولة اللبنانية حتى إن "مؤسسات الرعاية بالمعوقين رفضت استقباله"، بحسب أقاربه وجيرانه، فما الذي عرفته "النهار" من عائلته وجيرانه عن أوضاعه؟


الخجل من الطلب
ما إن دخلنا الى الحي الذي يسكنه رائد على طريق عام حبوش- النبطية لنسأل عن منزله حتى تحلق حولنا اقاربه وجيرانه متفاجئين بأن أحداً أتى ليسأل عنه. وبدا واضحاً في عيونهم أن سؤالنا عنه حمل بارقة أمل ربما لأنهم ظنوا للوهلة الأولى أننا من وزارة الشؤون الإجتماعية أو إحدى المؤسسات العاملة في مجال رعاية المعوقين جنوباً، لكن منسوب الأمل سرعان ما انخفص من دون أن ينطفىء بعدما أظهرنا بطاقتنا الصحافية إذ قال أحد اعمامه:"لستم من الدولة ولستم من الجمعيات، لكن انتم من سيوصل صوتنا الى المسؤولين علّهم يساعدوننا في رعاية ابن شقيقي المرحوم".
وبعدها انتقلنا مع الاعمام والجيران الى منزل العائلة عبر أدراج لا تزال "على العضم" ثم دخلنا الى شقة متواضعة لم نرَ فيها وسائل للتدفئة غير أن شقيقته وزوجها استقبلانا بحفاوة بالغة وكرم في الضيافة يعكسان أصالة الجنوبيين على رغم صعوبة أوضاعهم المالية التي أوضحها عمهم الأكبر علي قائلا:" كل شخص منا لديه عائلة بالكاد يستطيع إعالتها، حتى شقيق رائد يعمل باليومية في مطار بيروت وشقيقاته لديهم عائلات وجميعنا غير قادرين على تأمين الاموال اللازمة لرعايته، فلولا الخيّرون من أبناء البلد لكانت معاناتنا أكبر لكن من يعطينا مبلغاً ليساعدنا اليوم نجده غير قادر على الاستمرار دوماً بمساعدتنا حتى اننا نخجل من الطلب منه مجدداً".


ولفت الى أن "رائد يحتاج الى عدد كبير من الأدوية المكلفة جداً في أكثر المرات لا نشتريها كلها، مع العلم أن الطبيب أعلمنا أنه بحاجة الى ممرضة لرعايته دائماً كونه يعاني من شلل كامل وبالتالي لا يستطيع الحركة كالوقوف والجلوس ودخول الحمام او حتى الحك ويجب أن يُحمل دوماً على الأكف فضلاً عن انه كلما ترك وحيداً يبكي ويبدأ بالصراخ". وأشار إلى أن "شقيقته المتزوجة قامت بالتطوع لرعايته وتركت عملها لعدم قدرتنا على تأمين معاش لمن يتوجب عليه رعايته فنحن "بطلوع الروح لنطلّع حق أدويته فكيف كلفة ممرضة؟".


مؤسسات الرعاية رفضت استقباله!
إذا كانت الجمعيات المعنية برعاية المعوقين تتغنى دوماً بما تقدمه سنوياً لهم خلال مهرجانات خطابية يغطي معظمها الإعلام، فكان سؤالنا لأقارب رائد لماذا لم يتم الاتصال بإحداها لمساعدتكم؟
والمفاجئة كانت في جواب الأقارب: "توجهنا الى اكثر من جمعية، وكل واحدة كانت تعدنا خيراً بالمساعدة شرط أن نؤمن صورة عن إخراج القيد وبطاقة المعوق لكن بعد تقديم الأوراق المطلوبة لهم نسمع منهم خيراً او شراً ".
وأضافوا: "حاولنا وضعه في مؤسسة للرعاية بشكل دائم كمأوى او شيء من هذا القبيل لكنهم رفضوا لأنه لا يستطيع الحركة إطلاقاً وجلّ ما استطاعت إحدى هذه المؤسسات تقديمه هو بعض الحفاضات التي سرعان ما عدنا نجلبها لأن كلفة البنزين لجلبها أكثر من ثمنها!".
وسأل الأقارب والجيران عن دور وزراة الشؤون الاجتماعية أو الدولة اللبنانية في مساعدة المعوقين كحالة رائد قائلين:" بالأمس كنا نشاهد في وسائل الإعلام كل الدولة منهمكة بالسلامة الغذائية، وقبلها رأينا لوحات إعلانية لمكافحة الفقر لكن لا الفقر انقرض ولا السلامة الغذائية ستتحقق طالما ان المياه لا تصلنا والكهرباء شبه غائبة وها هو رائد الحائز على الاوراق القانونية لمساعدته لا يستحصل على اي مساعدة ".
صحيح أن رائد، كغيره من المعوقين او حتى كأي مواطن لبناني لا يرون من الدولة ومؤسساتها سوى الحملات الإعلامية التي سرعان ما تنطفىء في زواريب المحاصصات، لكن الله أعطا رائد نعمة عدم إدراك ما يجري حوله رغم ألم محيطه، فمتى يتحرك أحد المسؤولين لسلامة الإنسان؟!



[email protected]
twitter:@samirsabbagh


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم