الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

السوق النفطية تدخل حقبة جديدة

المصدر: "أ.ف.ب"
جيسيكا بيرتورو
A+ A-

يعكسُ التراجع الكبير في أسعار النفط منذ الصيف، تغيرات هيكليّة هامة في السوق النفطية التي تدخلُ حقبة يسجّلُ فيها العرض نمواً أقوى من الطلب.
وفي وقت تراجعت فيه أسعار النفط بمقدار ثلث قيمتها منذ منتصف حزيران، يُجمع كل المراقبين على الإقرار بأنَّ السوق النفطية دخلت مرحلةً جديدة.
في هذا السّياق، تحدّثَ مصرف "كومرتسبنك" الألماني عن "تغيير في النموذج"، فيما أشارَ مصرف الأعمال الأميركي "غولدمان ساكس" إلى "نظام نفطي جديد"، ووكالة الطاقة الدولية الى "فصل جديد في تاريخ الأسواق النفطية".
وأوضحَ رئيس شركة "بيلاكو كابيتال" فريديريك لاسير: "ندخلُ اليوم حقبة جديدة، إذ لدينا من جهة عرض تمَّ تحفيزه، وعلى الأخص نفط الشيست في أميركا الشمالية، ومن جهة أخرى تباطؤ في الطلب بسبب مستوى الأسعار المرتفع، ثم أخيراً بسبب تدهور أوضاع الإقتصاد الكلي".
وأوردت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري الأخير انَّ "سنوات الأسعار المرتفعة (كان سعر نفط "برنت" يتراوح بشكل إجمالي بين 100 و120 دولاراً منذ 2011) أتاحت لتكنولوجيات مبتكرة تحرير موارد هائلة في أميركا الشمالية وربما أيضاً في أماكن أخرى قريباً".
والمثال الأبرز على ذلك هو الولايات المتحدة، التي انتقلت من متوسط انتاج قدره 5 ملايين برميل في اليوم عام 2008 الى نحو 8،4 ملايين برميل في اليوم خلال الأشهر الـ8 الأولى من هذه السنة بفضل إستغلال نفط الشيست".
ومن المتوقّع أن يصلَ هذا الانتاج الى 9،5 ملايين برميل في اليوم عام 2015 وهذا النمو الهائل يوازي، وفق حسابات خبراء الإقتصاد في "كومرتسبنك"، وصول منتج جديد للنفط بحجم العراق وقطر معاً الى السوق.
من جهته، أوضحَ ادوارد موس، من شركة "سيتي غروب" الأميركية، أنَّ "نمو الإنتاج الأميركي أصبح عاملاً جيوسياسياً حاسماً في الأسواق النفطية"، وصنفت الولايات المتحدة هذه السنة في المرتبة الأولى بين منتجي المحروقات السائلة في العالم متقدمة على السعودية التي كانت تتصدر تاريخياً هذه القائمة.
وتظهر تبعات نمو الانتاج الأميركي بشكل غير مباشر، اذ تخفض بشكل حاد حاجات الولايات المتحدة الى الاستيراد وترغم مزوديها على البحث عن أسواق أخرى، ما يحرّكُ الصراع على حصص الأسواق في مواقع أخرى من العالم.
وأوضح المحلل لدى "ساكسو بنك" اولي هانسن أنَّ إرتفاع الإنتاج الأميركي تاخر حتى يؤثر في أسعار النفط، لأنّه بقي لفترة طويلة محجوباً بفعل انقطاع الانتاج في انحاء مختلفة من العالم ولا سيما في ليبيا.
لكن منذ الصيف، انحسرت هذه الإنقطاعات في الإنتاج بشكل كبير، فيما اتضح بشكل متزايد أنَّ الطلب لم يعد قادراً على تسجيل نمو بمستوى العرض.
وأوضحت وكالة الطاقة الدولية أنَّ "التنمية الاقتصادية لم تعد تحفز بالقدر ذاته تزايد الطلب على النفط ولا سيما في غياب زيادة في الرواتب. ودخلت الصين، المصدر الرئيسي لزيادة الطلب على النفط في السنوات الاخيرة، مرحلة من النمو اقل طلبا للنفط".
وقال خبراء مكتب "كابيتال ايكونوميكس": "نعتقدُ أنَّ أسعار النفط المتدنية ستدوم".
غير أنَّ هذه المرحلة الجديدة "لن تستمرَّ عشرين عاماً" برأي رئيس "بيلاكو كابيتال" الذي أوضح "اننا نرى منذ الآن بوادر المرحلة التالية: مع تراجع الأسعار، سنشهدُ ظاهرة تكيف معاكسة تماماً للظاهرة التي نشهدُها في مرحلة الإرتفاع، أي تباطؤ في الإستثمارات في القدرات الجديدة ثم انتعاش الطلب بفضل أسعار أدنى بكثير".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم