الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

في عيد الاستقلال "سلامة الغذاء" توحد الاقتصاد والسياحة والصحة...

المصدر: النهار
ساريتا سعد
A+ A-

بعد قنبلة الموسم التي أطلقها وزير الصحة وائل ابو فاعور، انهمكت الجمهورية بحملة سلامة الغذاء ونسيت شغور الرئاسة، ليقتصر حديث الشعب اللبناني على: مطابق أم غير مطابق.


في الحملة التي قامت بها وزارة الصحة "راح المليح بضهر القبيح" وأمست المطاعم كلّها موضع "المتّهمة" بتسميم لقمة عيش المواطن، مّا دفع بالهيئات الاقتصادية إلى رفع الصوت لتجنّب الوقوع في المحظور وتأثير الحملة على السياحة والاقتصاد، كما تقول، حتى أنه بدا للعديد من المتابعين أن أجواء الاجتماع الموسّع الذي عقد في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت بين وزراء: الصحة وائل ابو فاعور، الاقتصاد والتجارة الان حكيم، الزراعة اكرم شهيب، السياحة ميشال فرعون، البيئة محمد المشنوق، الصناعة حسين الحاج حسن والهيئات الاقتصادية في شأن سلامة الغذاء ستكون مشحونة.


المسالخ المستوفية للشروط تكفي 


المؤتمر الصحافي جاء بعكس التوقعات، في جوٍّ من التفاهم والتوافق على أهمية حماية المواطن، حتى انه لم يخلُ من المزاح، إذ نعت أبو فاعور نفسه بـ"الإرهابي" كونه سلّط الضوء على ملف الأمن الغذائي وأثار ضجّةً في البلد، ليعترض عددٌ من الحضور بالقول: "إصلاحي وليس إرهابياً!".
وفي هذا الإطار، رفض أبو فاعور "القبول بمنطق التناقض الوهمي الذي حاول البعض الترويج له تحت عنوان: إمّا السياحة والاقتصاد أو الأمن الغذائي"، مضيفاً: "لا نستطيع السكوت عن الخطأ وما يلحق بالمواطن من ضرر، حرصاً على الاقتصاد، ومن قال أساساً أنّ الأمن الغذائي يتعارض مع السياحة والاقتصاد؟". وأكّد أنّ "الحملة مستمرّة وليست موسميّة".


وعن الانتقادات التي وُجّهت إليه في شأن طريقة الإعلان عن أسماء المطاعم والسوبرماركات... أجاب أبو فاعور: "لم تكن وسيلة الإعلان خاطئةً، فقد حذرنا مراراً وتكراراً وعندما لم نجد أي نتيجة اضطررنا اللجوء إلى العلنية".
وأشار إلى ان "المصادر ليست وحدها المتهمة، فجزءٌ من المسؤولية يقع على المطاعم وهناك عددٌ من البكتيريا التي لا تموت حتى بعد تعرّضها إلى حرارةٍ عالية". وأعرب عن "استعداده للترويج إلى المؤسسات التي تعمل على تصحيح وضعها"، موضحاً بذلك انّ الحملة تهدف إلى حماية صحّة اللبناني فحسب وليس التعرّض إلى وظيفته أو باب رزقه".



وشدد الوزير أبو فاعور، في حديث لـ"النهار" على ان "إقفال بعض المسالخ لن يؤدي إلى ذبح الأغنام في الشوارع، فهناك العديد من المسالخ المستوفية للشروط وتكفي حاجة اللبنانيين"، مضيفاً: "هناك مسالخ تعمل على تصحيح أوضاعها، وتمّ الكشف على ثلاثة منها تبيّن أنها صحّحت أوضاعها".
أمّا بالنسبة إلى احتمال غلاء الأسعار نتيجة إقفال عددٍ من المسالخ، فقد استبعد أبو فاعور ذلك قائلاً: "هنا يأتي دور وزارة الاقتصاد فعليها مراقبة الأسعار".


المشكلة: نقص المراسيم التطبيقية وتقصير الدولة


من جهته، رأى وزير الصناعة حسين الحاج حسن انّ "المسؤولية مشتركة بين الدولة والقطاع الخاص"، داعياً إلى "عدم التراشق في موضوع تحميل المسؤوليات". وأكّد انه "لا مشكلة في قانون سلامة الغذاء بحدّ ذاته إنما في نقص المراسيم التطبيقية لحماية المستهلك والنظرة إلى القطاع العام على انّه غير مؤهّل"، لافتاً إلى ان "القطاع العام صغير إذا استثنينا الأجهزة الأمنية وقطاع التعليم، ويحتاج إلى كوادر بشرية وتجهيزات عدّة".
ورفع الحاج حسن المسؤولية عن أبو فاعور ليحمّلها إلى "الذين صوّتوا في المجلس البلدي لبيروت ضدّ إعادة تأهيل المسلخ".
بدوره، اعترف الوزير الان حكيم ان هناك تقصيراً من الدولة ووزارات تعمل وأخرى لا تعمل، مشدّداً على "ضرورة معالجة الموضوع"، إذ اعتبر انه إذا لم تتمّ المعالجة "ستكون التداعيات كارثية حتى على القطاع المصرفي خصوصاً أننا على أبواب الأعياد، فـ 30% تقريباً من مدخول المطاعم والمؤسسات يأتي خلال هذه الفترة".


أما الوزير ميشال فرعون فشدد على ضرورة "المضي قدماً في الحملة والعمل على تحويل هذه المشكلة إلى صورةٍ جيّدة للبنان" وفي الإطار نفسه، أكّد الوزير أكرم شهيّب "حاجتنا الملحّة إلى مسالخ حديثة".


تعاون العام والخاص بهدف حماية صحة المواطن


وفي نهاية المؤتمر، تلا رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز شارل عربيد ورقة عمل اتفق عليها المجتمعون، تضمنت الخطوات المشتركة لمتابعة حملة سلامة الغذاء. ووافق القطاع الخاص على انشاء "مركز التدريب لسلامة الغذاء" Food Safety Academy في غرفة بيروت وجبل لبنان، بالتعاون مع اتحاد النقابات السياحية وجمعية تراخيص الامتياز ونقابة اصحاب المطاعم، مخصص لتدريب موظفي المؤسسات، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة العاملة في المطاعم ومجال الغذاء، على منهج "التدريب الاساسي في سلامة الغذاء".
كذلك وافق القطاع الخاص على وضع ميثاق السلوك المهني في سلامة الغذاء (CODE OF ETHICS) للتوصل الى الزامية الميثاق لدى كل من يعمل في هذا المجال من القطاع الخاص. كما العمل مع جمعية المصارف في لبنان لتوفير برنامج تمويل طويل الامد وبفوائد مخفضة، لتسهيل الاستثمار في مستلزمات سلامة الغذاء، اضافة الى تمويل مشاركة كادرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في برامج تدريبية متطورة.


وفي ما يتعلق بالقطاع السياحي، تم التوافق بين وزارتي السياحة والصحة، على اعتماد مشروع "المبادىء التوجيهية لسلامة الغذاء في لبنان" التي اقترحتها نقابة اصحاب المطاعم بالتعاون مع "شركة GWR للاستشارات". وطالبت الهيئات الاقتصادية والنقابات الغذائية المؤسسات التي ظهر ان لديها مشاكل على مستوى سلامة الغذاء، معالجة اوضاعها وفق النتائج الصادرة عن وزارة الصحة العامة.
أمّا في ما خص الجهات الرسمية فقد تمّ الاتفاق على أن تعمل الحكومة والنواب والمرجعيات السياسية، على اقرار قانون سلامة الغذاء سريعاً، ليشكل المرجعية والمرتكز الذي يؤمن معايير وضوابط ومراسيم تطبيقية اساسية.


وتنص ورقة العمل ايضا على اطلاق مشروع وطني وخطة تنفيذية شاملة لمعالجة وتنقية مياه الشفة، والمياه المعبأة في كل لبنان ووضع آلية تتبع وضبط حركة الغذاء من المنشأ الى المستهلك، إصافة إلى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بوقف تهريب المواد الاولية المستخدمة في صناعة الغذاء، التي لا تخضع حكماً لأي رقابة، وتطوير مكاتب المراجعات المخصصة لسلامة الغذاء في كل الوزارات المعنية وتفعيلها، من ضمن آلية واضحة تتيح للمؤسسات القيام بمراجعاتها بطرق سهلة وسريعة، وتشكيل آلية تنسيق دائمة بين الوزارات المعنية والهيئات الاقتصادية لاستكمال اجراءات ضمان سلامة الغذاء وحماية اقتصادنا الوطني.
وفي الختام، أكّد عربيد ان الحفاظ على أعلى درجات سلامة الغذاء يستوجب عملية متكاملة على المستوى الوطني لا يمكن لأي جهة بمفردها القيام بها، انما يتطلب تعاونا شاملا وكاملا بين مختلف الجهات.


وهكذا يكون يوم عيد الاستقلال تكلل بأول عملية تعاون فعلية بين القطاع الخاص والقطاع العام خدمةً لوظيفة وصحة المواطن على حدٍّ سواء، على أمل ان تكرّ سبحة المفاوضات والاتفاقات وتشمل القضايا الأخرى المتنازع عليها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم