الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"عين العرب" ومخرز أردوغان

سميح صعب
سميح صعب
A+ A-

في مدينة عين العرب (كوباني) مارس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أقصى درجات الابتزاز حيال واشنطن وخرج بحلّ موقت لا يسقط المدينة في أيدي تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) ولا يجعل أكراد سوريا القريبين من أكراد تركيا ينتصرون. وهكذا بقيت كوباني معلقة بين السقوط والصمود.
في كوباني، سعى أردوغان الى فرض أجندته على الائتلاف الدولي لمواجهة "داعش". المشكلة في نظره لا تكمن في التنظيم الجهادي، خصوصاً أن كل الدلائل تشير الى أن لأنقرة دوراً محورياً في مساندته سواء في سوريا أو حتى في العراق، بل أن المشكلة كانت ولا تزال بالنسبة الى أردوغان هي النظام السوري نفسه.
ويدرك أردوغان أن أي حل في سوريا لا يتضمن إسقاط النظام هناك، يعتبر أكبر خسارة استراتيجية لسياسته منذ تولي حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإخوانية الحكم عام 2002. ولا يمكن أن يتحمل أردوغان خسارة مصر وخسارة سوريا في آن واحد، لأن ذلك يعني ببساطة خسارته معركة الشرق التي هندسها رئيس وزرائه الحالي أحمد داود أوغلو. وستكون خسارة تركيا مضاعفة، لأنها لن تخسر نفوذها في الشرق فحسب، بل إنها لم تربح الغرب أيضاً لأنه لم يسمح لها بتجاوز العتبة الى داخل الاتحاد الأوروبي.
ووجد الإحباط التركي وحسابات الربح والخسارة لأردوغان على الساحة السورية، متنفساً في الهجوم على إيران باعتبارها مع روسيا السبب الذي حال دون إسقاط الرئيس بشار الأسد، وإذا كان أردوغان حاول أن يضبط أعصابه في الأعوام الثلاثة الأخيرة حيال إيران وألا يجعل سوريا سبباً للهجوم على طهران، فها هو يفعل اليوم ويحمّل إيران المسؤولية عن استمرار النظام السوري ويهاجم السياسة الإيرانية علناً.
ما يفعله أردوغان اليوم هو توسيع دائرة الخصوم في المنطقة، من إيران الى السعودية التي لا يخفى امتعاضها من الدعم الأردوغاني لجماعات "الإخوان المسلمين" في المنطقة، الى الولايات المتحدة التي برز الافتراق معها في كوباني مما حمل الرئيس التركي على انتقاد سياسة إسقاط امدادات السلاح للمقاتلين الأكراد داخلها باعتبار هؤلاء "إرهابيين" من وجهة نظره.
وكما كانت كوباني اختباراً إقليمياً ودولياً لأردوغان، كانت أيضاً اختباراً داخلياً له في ما يتعلق بسياسته حيال المسألة الكردية، ليتبيّن أن مساعيه لحل دائم للمسألة لم تكن بالجدية التي تسمح بتحقيق اختراق في اتجاه الحل، لا بل إن كوباني أيقظت مشاعر الأكراد الأتراك وهي تهدد بنسف عملية الحوار برمتها. وما تجدد التوتر والمناوشات مع "حزب العمال الكردستاني" سوى تعبير عن تجدد الاحتقان بين الجانبين بعد هدنة تجاوزت السنتين.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم