يُخيَّل لنا اننا نعيش احباطاً أبدياً لا مكان فيه للأمل. وكأن المساحة التي ولدنا فيها ونعيش، المساحة التي تحوطها أزمات الشرق الأوسط وتتغلغل فيها، لم يعد في إمكانها احتضان أي جمال. في ظل رتابة الأزمات وروتين الدم والعنف، نمرّ بالجمال فلا نلمحه، نمكث في الصخب فيكاد لا يعني لنا. في غمرة ذلك، يصادفنا خبرٌ نعجب له لوهلة: الآلاف من بلدان مختلفة اختاروا بيروت "عاصمة لا تموت". في العام 2013، دفع التصويت على موقع Traveler السياحي العالمي ضمن مسابقة اختيار القارىء لأفضل 25 مدينة في العالم، بيروت الى المرتبة 20، وفي هذه السنة تقدمت عاصمة لبنان الى المرتبة 14.
يرفق الموقع بالخبر صورة خلابة لكنيسة مار بطرس تشرف على الساحل الكسرواني، فنفهم ان المقصود بالاختيار ليس بيروت بنطاقها الاداري بل لبنان جمالاً جغرافياً ونكهة فريدة.
في الخبر نقرأ ان بيروت مدينة استطاعت الصمود رغم الازمات وبقيت مقصداً للسياح، ويورد الموقع انها تتميّز بمطاعمها وفنادقها وأسواقها التجارية.
تلي بيروت في المسابقة مدينة فيينا، وكأن ليالي الانس في عاصمتنا قد اطاحت بتلك النمساوية، وفي التصويت تنافست بيروت مع مدن كبرشلونة (المرتبة 9) وبانكوك (13)، وكراكاو (11). وقد احتلت مدينة فلورانس الايطالية المرتبة الاولى في المسابقة، ويبدو ان لا شيء يعوز بيروت للطموح في التقدم مراتب اضافية في المسابقة، طالما انها نجحت وفي سنة مليئة بالازمات في اجتياز ست مراتب دفعة واحدة. باختصار، يبدو ان النظرة الينا وتقدير ما نملك سيبقيان مختلفين عن مقاربتنا لواقعنا الى حين، فعلّنا نقدر ما وُهب لنا ونعمل على ايصال سياسيين يتجاوزون الخلافات والازمات لمصلحة الدولة والنظام، حينها سيحوز بلدنا المرتبة الاولى من دون شك باعتراف العالم أجمع، كواحة للجمال والتعدد الثقافي والاختلاف الحضاري والصخب السياحي.