الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

جوهر الحكاية

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

لبنان ليس ذاهباً إلى المجهول بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي والاستحقاق النيابي، إنما هو يقيم حالياً في ضيافة المجهول.


مثلما واجه الاستحقاق الرئاسي كمين الموعودين بجنة بعبدا والطموحين إلى الإقامة في ربوع قصرها عشرات الألغام والمفاجعات التي لا تزال سارية المفعول حتى هذه اللحظة، هكذا، وعلى هذه الصورة، يبدو وضع الاستحقاق النيابي... الذي أُجْلِسَ بدوره في أرجوحة الـ"مع" التمديد والـ"مع" الانتخابات.
على رغم معرفة الذين "مع"، الذين يتظاهرون بالتعفّف والحرص على الأصول الديموقراطية والنصوص الدستورية، إن من رابع المستحيلات تقديم الانتخابات على كل ما عداها، نظراً إلى ضيق ذات اليد وذات الوقت.
وقد عدّى السبت، وعدّت المواعيد الدستوريّة، وبات التمديد هو الباب الوحيد المفتوح أمام هذا الاستحقاق الذي يحظى بشرف التمديد مرتين في غضون أشهر قليلة.
طبعاً وأكيداً، للمزايدات دورها في الموضوع النيابي، كما هو الحال تماماً في الموضوع الرئاسي وهو الأهم، والأكثر إلحاحاً، وما يحتاج إليه لبنان في حقبة تغيير الدول، وتغيير الأنظمة، وتغيير العهود، وتغيير الرجال، وربما تغيير الحدود والمساحات أيضاً.
ليس كلُّ ما يُعرف يُقال.
وفي صدد الخربطات والشربكات التي يتعرّض لها لبنان منذ سنوات، والتي ضوعفت بعد ظهور "الدولة الإسلامية" و"داعشها"، وخليفتها، وجيشها، وتطلّعاتها، لا بدّ من تكرار القول ذاته والاعتصام بحبل الصبر والصمت.
فالمنطقة لا تزال مرشّحة لمزيد من المتغيّرات، والتحوّلات، والأحداث، انطلاقاً من تداعيات الإعصار الذي يجتاح العالم العربي، مما يدعو المرجعيّات والقيادات السياسيّة والنيابيّة والحزبيّة والروحيّة إلى الاتعاظ قليلاً، والسعي الجدّي للملمة بقايا هذا اللبنان "النموذج" قبل أن يصير الكلام شبيهاً بالبكاء على الأطلال.
سياجٌ من المخاطر المختلفة والمتعدّدة، من حيث المصدر والقوة والغاية والفاعلية، يسوّر لبنان من الجهات الأربع... فضلاً عما يمكن أن يكون الإرهابيّون والتكفيريّون والمتطرّفون والمتضرّرون قد خزّنوه و"نوّموه"، في انتظار الفرصة المناسبة والسانحة.
وما يكتشف يوميّاً من خلايا إرهابيّة في هذه المنطقة أو تلك، فضلاً عن المواجهات شبه المتواصلة حدودياً، ليس سوى إنذار أولي لما تحت الأرض وفوقها.
أياً يكن رأي مشتهي الرئاسة والحالمين بها، ومعهم أولئك الذين يضبطون كلامهم وتصرّفاتهم بحسب توقيت الخارج، فإن مرور التشرينين من دون ملء الفراغ الرئاسي يعني أن للمخطّط التخريبي أعضاء فعّالين في لبنان.
هذا هو جوهر حكاية الشرق الأوسط الجديد.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم