السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

النفط وقود الصراع الدولي

سميح صعب
سميح صعب
A+ A-

في قمة حلف شمال الاطلسي في ويلز ببريطانيا في أيلول الماضي، قال الرئيس الاميركي باراك اوباما ان روسيا "ستدفع الثمن" بسبب سياستها في أوكرانيا. كانت تلك العبارة تعبيرا بلا مواربة عن مرارة متراكمة لدى البيت الابيض من السلوك الروسي ليس في اوكرانيا فحسب بل منذ نشوب الازمة في سوريا ووقوف موسكو الى جانب دمشق واستخدامها الفيتو ثلاث مرات في مجلس الامن لمنع صدور قرارات تشرع التدخل العسكري الاجنبي في سوريا.


ومع احتدام الحرب الباردة الجديدة بين واشنطن وموسكو من البوابتين السورية والاوكرانية، تلجأ اميركا الى سلاح العقوبات وسيلة لوقف الصعود الروسي ومنع الرئيس فلاديمير بوتين من اعادة بناء روسيا قوية بما يؤدي الى عالم متعدد القطب ويضع حدا للنظام العالمي الذي أرسته الولايات المتحدة مع انهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي قبل نحو ربع قرن.
وليست العقوبات وحدها هي السلاح الذي تستخدمه واشنطن اليوم للحفاظ على مكانتها الدولية ونظامها العالمي، بل انها تسعى الى ضرب الاساس الذي ارتكز عليه بوتين في اعادة بناء روسيا . وهنا يمكن تفسير الهبوط المتواصل لأسعار النفط منذ ثلاثة اشهر الى مستويات تهدد فعلا المكتسبات التي حققتها روسيا من جراء الطفرة النفطية في فترة تزيد على عقد ونيف.
كثير من المحللين الاميركيين يربطون الصعود الجديد لروسيا بالطفرة النفطية ويقولون ان زيادة الاسعار وفرت لبوتين الوسيلة لمعاندة السياسة الاميركية وتحديها في اكثر من منطقة من العالم.
ولا يهدف هبوط أسعار النفط الى إضعاف روسيا فحسب، بل انه يستهدف ايران ايضا وخصوصا في ذروة المفاوضات على برنامجها النووي. ان تراجع اسعار النفط اليوم يحرم روسيا وايران موردا اساسيا في موازنتيهما. واذا أضيف عامل العقوبات المفروضة على البلدين ، فإن من شأن ذلك زيادة الضغوط الاقتصادية على موسكو وطهران من اجل تقديم تنازلات سياسية.
لكن العقوبات وتدهور اسعار النفط حتى الان، كانت من العوامل التي تزيد الاحتقان في العلاقات الدولية، ولا تخدم الغاية من استخدامها. لقد اجتازت روسيا شوطا بعيدا على طريق استعادة مكانتها الدولية ولا يبدو انها في وارد التسليم للولايات المتحدة للتصرف بالعالم كما فعلت في العقد الاول من القرن الحالي. وكذلك برزت الصين قوة اقتصادية ثانية في العالم، ومثلهما باقي دول مجموعة "البريكس". وكانت هذه خطوة على طريق استعادة التوازن الدولي الذي اختل بانهيار الاتحاد السوفياتي وتفرد الولايات المتحدة بادارة شؤون العالم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم