الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ما موقف الدين من "نفير المسلمات" للزواج بالمقاتلين؟

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
A+ A-

مسحت "داعش" غبار التاريخ عن كتاب قاموس اللغة العربية، فأعادت احياء تعابير جديدة، من "جهاد النكاح" إلى "سبي النساء" وصولا إلى "نفير المسلمات"، تعابير اعتقدنا أنها دفنت في كهوف النسيان، لكن ما يحصل في دولة "البغدادي" تطبيق لقواعد تعتبرها شرعية، فأين الفقه الاسلامي من هذه الممارسات، وآخرها "نفير المسلمات الى أرض الجهاد"...؟


بحسب مدير الأوقاف الاسلامية الشيخ هشام خليفة، فان النفير في الإسلام هو "طلب السلطة الحاكمة المعنية بأخذ القرار في السلم والحرب دعوة الناس لرد عدوان. أي تستنفر الطاقات، وكل في موقعه، لحماية الدولة من الاعتداء، الظلم، الافتراء، الإرهاب وغيره".


مساواة مع الرجل
والمرأة في الإسلام، بحسب خليفة، "لها أن تقوم بكل ما يقوم به الرجل من أعمال في التجارة والتعليم والطبابة وبأي عمل يتلاءم وشخصيتها، وتالياً لا تحرم من حقها في الدفاع عن الأمن والسلام ولها الحق أن تساهم في رد العدوان الذي يمس الأمن والأرض، ولكن بالطبع لها مجالات عمل محددة حتى في إطار هذا الاستنفار أو النفير العسكري".
وأضاف: "في السابق كانت الحروب تحتاج إلى قوة بدنية لحمل السيف والترس، أما اليوم نتيجة تطور الأسلحة وعدم الحاجة إلى العضلات، فإن المرأة تستطيع أن تشارك بقدراتها الذهنية والفكرية ومن خلال دراستها واتقانها العمل بإدارة نوع من أنواع الدفاع عن الوطن والناس والأمن".


نفير"الجهاد"
وعن نفير المسلمات لجهاد النكاح الذي يطبق عبر هجرة النساء الى الاراضي التي تسيطر عليها "داعش" حيث يتزوجون من مقاتلي التنظيم من دون موافقة أولياء أمرهم في كثير من الاحيان، اعتبر أن "هذا الكلام غير موجود، وهذا افتراء كامل، فالعقد الشرعي للنكاح في الاسلام يبنى على شروط واضحة غير قابلة للتأويل، إن كان في الفضاء أو في الأرض أو في الحرب أو السلم أو في أي بقعة. ولا بد من توافر شروط واضحة في العقد، وإلا لا يسمى عقداً يصبح أمراً آخر لا يُحمّل الاسلام تبعاته من ظلم وجور، أو الرغبات والشهوات المخالفة لأصل العقد".


شروط العقد
ويقول خليفة ان "عقد النكاح (الزواج) في الاسلام يشترط موافقة ولي الأمر والكفاءة والمهر وعدم تحديد زمن، فبمجرد تحديد الوقت، إما أن يبطل العقد وإما أن يبطل الشرط. هذه الشروط إن توافرت يعتبر عقداً شرعياً مع التأكيد على وجوب توافرها في أي موقع سواء في الصحراء، في الجبل، في الحرب أو السلم ، وإلا لا يعتبر عقداً شرعياً كاملاً".


معاشرة ومناوبة
وعن الخانة التي توضع فيها عقود الزواج التي يجريها مقاتلو "داعش"، أجاب: "اذا وافقت هذه العقود الأصول التي تم ذكرها يعتبر العقد شرعيّاً، أما إن خالف أي بند من هذه البنود لا يعتبر شرعياً وليسموه ما أرادوا"، واستطرد قائلاً: " هذه الجماعات اختارت ان تكون علاقاتها بالمرأة ضمن اطار المعاشرة أو المناوبة، فليسموا العقد الذي يعقدونه للزواج كما يشاؤون لكن ليس بالعقد الشرعي. فاذا لم تتوافر الشروط المذكورة أعلاه، فالعلاقة يكون فيها خطأ وقد تصل للزنا".


المرأة والمحرم
وعما إذا كانت المرأة تحتاج إلى محرم خلال سفرها تلبية للنفير، قال: "الاصل في الاسلام أن سفر المرأة وحدها مسافة ثلاثة ايام (90 كلم) كان وقتئذ يعرضها للمخاطر، لذا حماية للمرأة اشترط أن يكون معها رجل، وبالطبع أن لا يكون غريباً، فكان الشرط أن يكون محرماً أي أخاً، ابناً، زوجاً. أما اليوم فهناك الكثير من العلماء والمرجعيات قالوا بتقارب المسافات، فمسافة 1000 كلم تقطع في ساعتين، ومع مجموعة كبيرة من ناس ثقات على متن طائرة ، لم يعد هناك خوف على المرأة، فأفتوا بجواز سفرها ضمن هذا النظام من السفر من دون الحاجة إلى محرم إلا إذا كان سفراً طويلاً جداً وفيه مشقة، وإمكان حدوث خلوات بينها وبين الرجال وذلك حماية للمرأة إذ إن وضعها مبني على الستر".


التعبئة العامة
وبحسب الشيخ محمّد حسن زراقط (مدير مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي) ، فان النفير دعوة للجهاد ويطلق عليه اليوم تعبير اعلان التعبئة العامة، إذ يقول: "مبدئياً الجهاد هو فرض كفاية يفترض فيه الذكورة، فالمرأة بالنسبة إلى أكثر الفقهاء المسلمين غير واجب عليها القتال وذلك لأسباب متعددة، منها قضية الستر والحجاب ومنها عدم قدرتها على مواجهة العدو في الطريقة التي كانت متداولة قديماً، إضافة إلى مجموعة من النصوص الاسلامية".


استثناء
ويستطرد "هذا من حيث المبدأ، لكن في بعض الحالات حين تقع حال طارئة مستجدة يتعرض فيها الاسلام للخطر ولا يعاد خلالها يكتفى بالرجال، حينها يجب على النساء ان يشاركن في القتال".
بدعة اعلامية
وعن نفير المرأة من أجل الزواج بالمقاتلين وفق ما درجت تسميته بــ"جهاد النكاح"، أجاب: "أشعر أن جهاد النكاح بدعة اعلامية أكثر مما هي حقيقة، نسمع عن ذلك يحصل في سوريا، لكن هل الاخبار التي يتم تداولها صحيحة، ليس هناك أي مستند يؤكدها، فالجماعة التي تنسب لها هذه الفكرة تنفي الأمر تماماً، ليس من باب الدفاع عن "داعش"، فلقد قالوا الكثير من الأفكار التي هي أسوأ من هذه الفكرة، فالقتل اسوأ من جهاد النكاح".



فكرة لا أصل لها
ويشير إلى أن "فكرة جهاد النكاح لا أصل لها وليس لديها أي قاعدة من القواعد الدينية التي نعرفها. لدينا زواج أما النكاح من أجل تشجيع الشباب على القتال فكرة ليس لديها أي منشأ ديني أبداً".
وأضاف ان "شروط الزواج خلال الحرب لا تختلف عن أوقات السلم. فالشروط المتعارف عليها لا تتغيّر، فمثلاً العدّة بعد الطلاق شرط لا يسقط في حال الحرب".
ويجب أن يكون عقد الزواج جامعاً للشروط سواء أكان الزوج مقاتلاً أم لا، وعما إذا كان تحديد مدة له يبطل الزواج، قال: "في الفقه الشيعي هناك زواج مقت بخلاف الفقه السني حيث الزواج الذي له أجل يعتبر باطلاً".


في المحصلة، وان كان "جهاد النكاح" بدعة ومحط أخذ ورد وعدم تبنٍ حتى من قبل القريبين من فكر "داعش"، فان "نفير المسلمات" بهدف الزواج من مقاتلي "داعش" واضح في عيون الشرع الاسلامي، اذ يجب ان يرتبط بشروط عقد الزواج العادي، فلا تحكمه مدة محددة ويتم بموافقة ولي الأمر، وهذا ما يخالف حالات عقود زواج كثيرة سجلت في الاراضي التي سيطر عليها "داعش" حيث تزوج مقاتلون من نساء وهجروهن بعد فترة قصيرة، او انهم تزوجوا من نساء "نفرن" او هاجرن الى ارض القتال من دون موافقة أولياء امرهن.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم