الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

سباق لمحاربة "داعش" أم مجرد عرض قوة؟

أوكتافيا نصر
A+ A-

إذا سألنا العرب ما هو حيوانهم المفضّل، سيختارون على الأرجح النعامة، لأنها تحلّ كل مشكلاتها بدفن رأسها في الرمال!


فيما يواجه العرب أحدث كوابيسهم من خلال ما يُسمّى "الدولة الإسلامية" - وهي تسمية محرجة - علينا أن نتوقّف عند طبيعة رد الفعل العربي على هذا العدو الذي يصلّي إلى الله نفسه، ويستشهد بالكتاب نفسه، ويسعى الى هدف الخلافة نفسه إنما باستخدام تكتيكات مختلفة وسلوك مسار بربري.
أولاً، ساد صمت حيال الفظائع التي يرتكبها التنظيم الإرهابي السيئ الذكر. لعل السبب هو أنه كما في الأيام الأولى التي أعقبت هجمات 11 أيلول، لم يصدّق العرب أن مثل هذا التفنّن في القتل يمكن أن يصدر عن أشخاص يعيشون بينهم. كان هذا أمراً غريباً عليهم، أو هذا ما ادّعوه، متجاهلين تماماً أنه يجري علناً ترويج العنف والكراهية في الخطاب الإسلامي، وفي المساجد والمنازل كما في الشوارع. بطريقة ما يتم التغاضي عن الكراهية عندما تكون موجّهة إلى غير المسلمين، هذا إذا لم تشجَّع.
ثم يأتي التنديد الخجول المعهود الذي يقترن بتمكين المجموعات المناوئة أو "داعش" نفسه. يستطيع مروِّجو نظريات المؤامرة وخبراء مكافحة الإرهاب أن ينسجوا شبكة من الروايات حول الجهة التي تموِّل "داعش" وكيف ظهر التنظيم وتمكّن من النمو. وهذا يجعل سبل محاربته وتفكيكه ومحوه من الوجود موضع نقاش يمكن أن يشغل وسائل الإعلام طوال عقود أو إلى ان أن يطغى موضوع جديد على العناوين الرئيسية.
وفي خضم هذا كله ينسون الحقيقة الجوهرية بأن "داعش" والجهاديين يأتون من وسطهم. إنهم من البلدان العربية، ومن الغرب أيضاً. بعضهم آتٍ من حياة اليسر، وبعضهم الآخر من حياة العوز. بينهم أشخاص مثقّفون جداً وآخرون متسرّبون من الدراسة. كل هذه الصفات تجعل من الصعب مطاردة "داعش"، وتجعل محاربة أفراده محفوفة بمخاطر عالية. الغارات الجوية التي تشنّها المقاتلات، سواء أكانت أميركية أم فرنسية أم بريطانية أم إماراتية، هي مجرد عرض قوة ذي تأثير محدود على تنظيم يستطيع التوغّل في المجتمع والتخفّي إلى أن يصير جاهزاً لشنّ ضربة من جديد.
في غياب التزام محاربة أفراد "داعش" وجهاً لوجه ومطاردتهم في المنازل والمساجد والمحافل الأساسية، سيختبئون موقتاً ثم يختارون الزمان والمكان المناسبَين كي يتسلّلوا ويزرعوا الذعر من جديد، تماماً كما يحصل الآن!


Twitter: @octavianasr

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم