الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

عشرة عبيد زغار

ميشيل تويني
ميشيل تويني
A+ A-

يذكّرنا مسلسل الاجرام المريع الذي يستهدف الجنود اللبنانيين المخطوفين لدى "النصرة" و"داعش" برواية أغاتا كريستي "عشرة عبيد صغار". كل منهم ينتظر دوره ليقتل، ولا يمكنه الهرب الى أي مكان، ولا حول ولا قوة للدولة او الوسطاء، مع فارق أن عدد العسكريين المخطوفين هو اكثر من عشرة، وهم مشاريع شهداء أبطال بعيدين كل البعد عن عبيد الرواية أو الواقع الذين ارتكبوا أخطاء في ماضيهم تنفي عنهم صفة الأبطال والشهداء. أما عسكريّونا الأسرى فهم أبطال الواجب وساحة الشرف، ويدفعون عن دولة الانصياع ضريبة الكرامة، وعن القيادات السياسية ثمن الأخطاء والخطايا المميتة، وقصور مرجعياتهم السياسية وغير السياسية.
ويمتازون عن الرواية بأنهم ليسوا صغاراً، بل هم كبار يبقون في عيون كل اللبنانيين كرفاقهم الذين سبقوهم الى الشهادة، الفارق ان القاتل في الرواية معروف، لكنه ايضاً قاتل بلا دين وبلا أي ذرة من الانسانية. ونسأل أنفسنا عندما نرى مشاهد القتل، أي نوع من البشر يفعل هذا؟ ولماذا؟ ما ذنب الضحايا، وما ذنب أولادهم وأهلهم؟ كيف يمكن انساناً ان يذبح انساناً آخر في القرن الحادي والعشرين؟ أليس هذا بربرية وهمجية لم يحصل مثيل لهما في القرون والأزمنة الظلامية؟ حتى القبائل البدائية تخجل من هذه الارتكابات البشعة، فكيف لمثل هذا الفكر الإلغائي أن يكون له مكان في عالم الإنسان المتنوّر المنفتح على الحضارات والاديان؟
كيف يمكن تنظيماً يستعمل التواصل الاجتماعي، ويبعث برسائله عبر "تويتر"، ألا يتطور كما تتطور الحياة، وألا يرى أين أصبح العالم وفي أي هاوية يهوي؟ لقد بات واضحاً انّ هذه التنظيمات الظلامية ليست سوى أداة حقد وحشي مبرمجة على القتل والذبح وقطع الرؤوس بتلذّذ ومتعة، ومن هنا خطرها على الانسانية جمعاء. أما التلطي بالدين، فيسقط أمام السؤال: أي دين يسمح بما يرتكبه هؤلاء الذين لا دين ولا إله لهم سوى الجريمة.
يبثون شريطاً تحت عنوان "مَن سيدفع الثمن"، كأنه حلقة من سلسلة أفلام رعب تسترخص كرامات الناس وتستخف بمشاعرهم، في مسلسل لا يقيم حرمة للموت وقدسية للحياة ويشمئز منه كل مَن يعرف الله ويحترم الانسان، ويعكس صورتهم المشينة.
بكل صراحة، أمام كل هذا الإجرام، لم يبقَ أمام الدولة والجيش إلا استرجاع الكرامة والهيبة بأي طريقة كانت. على الدولة ان تعاقب بطريقة ما من استرخص حياة أبنائها مهما كلف الأمر، بطريقة حاسمة وتدابير صارمة، لكي يتعلم الذين يرتكبون هذه الافعال البشعة أنّ ارواح الناس ليست سلعة كما أرادوها أن تكون. المطلوب من الدولة الحسم وشجاعة القرار وإعادة الاعتبار لنفسها وهيبتها وشعبها، وإلاّ أصبحنا نحن ودولتنا وقياداتنا مجرد عبيد زغار!...


michelle.tué[email protected]
Twitter:@michelletueini

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم