الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لبنان والأردن وتركيا مرشحون لـ"عدوى" العنف؟

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

يبدو أن الأميركيين توصلوا إلى اقتناع بأن الصراع في سوريا بين نظام الأسد والتنظيمات الثائرة عليه لا ينطلق من فراغ. فالدول الراعية له والحامية لأطرافه، مثل إيران وروسيا وليبيا والعربية السعودية وقطر ودول خليجية أخرى، يغدقون وبسخاء كبير المساعدات المالية والعسكرية على طرفيْه وذلك من أجل تحديد حصيلته النهائية. ومن شأن دعم خارجي كالمذكور إدامة الحرب الأهلية في سوريا، وإشعال أعمال عدائية واسعة بين السنّة والشيعة في المنطقة لا بد أن يكون لها أثر بارز في إعادة تشكيل الشرق الأوسط. وفي الحقيقة يرى الأميركيون حالياً، ومعهم العالم، انتشار الحقد بل الكره التاريخيين بين المتطرفين من المذهبين المسلمين الأكبر في الدول المجاورة لسوريا مثيراً الخوف، ومغذياً الاتجاهات السياسية المتناقضة والانتهازية في آن واحد، سواء في تركيا والعراق أو في لبنان وإسرائيل وفلسطين والأردن والدول العربية في الخليج.
ما هي العوامل التي تجعل انتشار الحروب والصراعات من دولة إلى أخرى أو أخريات أمراً طبيعياً في نظر ناشطين في مركز أبحاث أميركي عريق؟ تُظهِر الصراعات المسلحة، استناداً إليهم، إسهام ثلاثة عوامل بارزة في نشر العنف الناجم عن حرب أهلية أو عن عصيان أو تمرُّد. وهي الدعم العسكري الخارجي، والأعداد الواسعة من اللاجئين والنازحين هرباً من العنف والقتل، وهشاشة الدول المجاورة للدولة التي انطلق منها الصراع الأساسي وقابليتها السريعة للعطب. إلى ذلك يضيف هؤلاء عوامل خمسة قادرة على تسهيل انتشار الصراع والعنف من دولة المنشأ إلى دول الجوار إذا جاز التعبير على هذا النحو، وهي الآتية: العلاقات بل الروابط الأثنية، والقدرة على الوصول إلى الإعلام بسهولة، والإدراك التام لردود الفعل المبالغ فيها كما لهشاشة الدول المجاورة، وتوقيت التدخل وفاعليته، وأخيراً قدرات الحكومة والمتمردين عليها.

ما هو الوضع الحالي في المنطقة؟
كل العوامل التي تؤدي إلى انتشار الصراع، سواء كانت حرباً أهلية أو تمرداً، موجودة وإن بدرجات متفاوتة في هذه المنطقة من الشرق الأوسط، يجيب الناشطون الباحثون أنفسهم. وهناك احتمال جدي أن استمرار القتال في سوريا وعدم مبادرة أي جهة قادرة على وقفه أو كبح جماحه، سيجعلانه ينتقل إلى تركيا والأردن. فالاثنتان منخرطتان وعلى نحو جدي في مدّ المتمرِّدين فيها بمساعدات خارجية ملموسة. والإثنتان تأويان في الوقت نفسه أعداداً كبيرة من اللاجئين والنازحين السوريين الذين تجمعهم بشعب كل منهما روابط إثنية. والأردن قابل للعطب بسبب هشاشة وضعه الاقتصادي وتأثُّره السياسي المحتمل بالتغييرات الديموغرافية داخل مجتمعه أو مجتمعاته. أما لبنان فان العنف انتشر فيه بسبب دعم "حزب الله" لنظام الأسد في سوريا، وبسبب إسهاماته وإن غير الكبيرة حتى الآن في الصراع الحالي المعقَّد جداً بين السنّة والشيعة في العراق. وتقوية المجموعات المقاتلة، مثل "القاعدة" و"النصرة" و"داعش" الموجودة على حدود سوريا وداخل المنطقة الشرقية فيها وفي الغرب العراقي، لا يبشِّر بالخير بالنسبة إلى الاستقرار في بغداد أو المنطقة. ذلك أنه يُعتبر معركة حياة أو موت (بقاء Survival) بين السنّة والشيعة.

هل يمكن تجنُّب "طفطفة" الحرب في سوريا على الدول المجاورة لها؟
لإعاقة أو وقف "الطفطفة" الحالية في لبنان والعراق وللحؤول دون انتشارها في تركيا والأردن لا بد من مواجهة أسبابها ومعالجتها. وهذا يعني في رأي الناشطين والباحثين الأميركيين أنفسهم، إتخاذ خطوات ثلاث ضرورية. أولاها التدخُّل مبكراً والتفاوض على حل يمنع سقوط ضحايا مدنية أو فرض حل كهذا لأن من شأن ذلك منع اللاجئين من الوقوع في المواقف المتطرفة. وثانيتها العمل مع الحلفاء والدول المجاورة لوقف تدفُّق المقاتلين الأجانب للاشتراك في الحرب والمساعدات الخارجية، ولمنع تدفُّق اللاجئين وتأمين مناطق آمنة لهم في بلادهم كي يعودوا إليها. أما ثالثتها فهي تزويد الدول المجاورة لسوريا مساعدة عسكرية ومالية (وليس للأطراف المُحاربين) لتأمين حدودها ولتحصينها ضد عدم الاستقرار الذي يرافق انتشار الإيديولوجيات المتطرفة والاقتصاد الصعب والحرب.
طبعاً تقتضي الخطوات الثلاث هذه قوة دولية تفرض الاستقرار ومنطقة حظر جزئي للطيران. كما تقتضي جعل الأسد جزءاً من الحل وليس بالضرورة كنظام بل كأمير حرب، وربما تقسيم سوريا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم