الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

التكنولوجيا العارية وتصدير الحميمية

المصدر: "النهار"
فاطمة عبدالله
A+ A-

تتخبّط "آبل" بكيفية التستّر على هشاشتها أمنياً بعد تسرّب صور وفيديوات لأجساد هوليوودية عارية. اختراق الخدمة السحابية "آي كلاود" التابعة لها، يضع عملاق التكنولوجيا أمام امتحان الصدقية. تتحوّل الأنظار من عري الجسد الى عري "الماركة" العالمية، وتطال الفضيحة "آبل" بما يفوق "العار" المُراد إلحاقه بالأجساد.



استهداف العري المُتحوِّل الى ضحية
يطرح نشر موقع "4 شان" صور فنانات في وضعية عارية، إشكالية الحماية الأمنية تكنولوجياً وإمكان تعرّضها للاختراق من هاكر غامض. تُحمَى الفنانات من "سوء السمعة" المتأتية من وضعية العري، في اعتبار أنّ المنشور لم يصل العامة بمحض المشيئة. من شأن المُسرَّب إلكترونياً تأليب الرأي العام ضد "آبل" وبرنامج تخزين بياناتها "آي كلاود"، ليُحصَّن الجسد بحرية الحضور الحميمي في لحظاته الخاصة. تختزل الممثلة ماري وينستيد ذلك بتعليقها على تسريب الصور: "التقطتها مع زوجي في منزلنا قبل سنوات". فضحُ الأجساد بغرض استهدافها، كان ليتحقق لولا تحوّل الفنانات من "عاريات" الى ضحايا. المُستهدَفة هنا، منظومة تكنولوجية تحمل استعداداً لخذل المُستخدِم، ولا تتوانى عن توريطه "أخلاقياً". انكشاف "عري" الشركة من شأنه "التستّر" على الأجساد الخارجة "قسراً" الى "فضيحتها"، فيغدو قوام النقاش سؤالاً أخلاقياً يتعلّق بـ"تراخي" المُؤتمَن التكنولوجي حيال خصوصية المُستخدِم برغم ادعاء العكس، وضرورة فرض حال "الطوارئ" الأمنية تجاه كلمات المرور والبيانات الخاصة، عوض كونها تحصيلاً.



تعميم الخصوصية
ممثلات وفنانات ورياضيات، سُرِّبت صورهن الى التداول العام، قبل أن يُعاقَب تعميم الخصوصية بحذفها بعد ساعات. من الأسماء كيم كاردشيان وسكارليت جوهانسون وجينيفر لورنس الممتعضة من انتشار عريها، واصفة إياه بـ"عملية السطو" على خصوصيتها. يوازي تعرُّض المشاهير لـ"السخط" الاجتماعي المُتفلِّت من كونه "تدميراً ممنهجاً" يطال السمعة، تعرُّض "آبل" لـ"السخط" العالمي، كون استخدام بياناتها من الآن فصاعداً يشترط الحيطة والحذر. تظهر الشركة بصورة المُتجاوِب مع التحقيقات، المستعدّ في شتّى الطرق لإثبات البراءة. إرفاق صفة "الفاعلية" بالتحقيق، أو مجاهرتها بـ"التحقيق بفاعلية"، غايته "تسريب" الطمأنينة الى مُستخدَم اهتزّت ثقته بها، تماماً كما سُرِّبت إليه الحميمية. من هنا، يأتي بيان "آبل" بمثابة دفاع عن النفس، أكثر منه ردّاً وظيفته الهجوم، فيصبح "نفي" تعرُّض "آي كلاود" للقرصنة احتمالاً موازياً لـ"التحقيق بفاعلية"، عوض الجزم بسدّ الطريق أمام مزاعم تُصوِّرها عرضة للهشاشة والخديعة.



"آبل" و"المؤامرة الكونية"
نفي "آبل" تعرُّض "آي كلاود" للاختراق، أعقبه ربط ما حدث بالقول إن استهداف المشاهير جاء مُتعمَّداً، واختراق الحسابات الشخصية حدث عن سابق تصوُّر. عدم جزم التقارير تورُّط "آي كلاود" في التسريبات، لم يعف "آبل" من مواجهة "مؤامرة كونية"، لتدحض تسرّب الصور عبر "آي كلاود"، وتنسب ذلك، على لسان خبراء، الى "آي بروت" التي تتيح اختبار مجموعة من كلمات المرور الخاصة بـ"آبل" الى أن تنجح إحداها. في المقابل، بيّنت تقارير تدارك "آبل" ثغرة كانت تتيح تجريب عدد لامحدود من كلمات المرور ضمن خدمة "فايند ماي آيفون"، فحددت بخمس عدد المرات المسموح فيها إدخال كلمات مرور خاطئة، مما يعني أنّ المخترق حصل على البيانات منذ مدة واختار "التوقيت المناسب" لنشرها، أو أنه اعتمد وسيلة أخرى ليست بعد معروفة.



فبركة الجسد والعري المُنكَر
قوبل تسريب الصور بردّ من أصحابها يجزم فبركتها بغرض الأذية. المُعترِف بحقيقية الصور، راح ينسبها الى زمن مرَّ كماري وينستيد، ومنهم من أقرّ بلافبركتها من غير أن يُبرِّر "حق" تداولها كلورنس. إحراج المشاهير بأجسادهم يدفع الى "تكذيب" واقعية الصورة، وفي حال لاتكذيبها، تُنسَب الى خصوصية لحظتها. العري المُنكَر بصفته ذاتياً، يُبعِد من المُراد الإساءة إليه صلة الجسد بـ"الفضائحية". فالحديث عن "الفضيحة" في حال الأجساد كالتورّط تماماً في نشر الصور، كون الجسد هنا مسلوب الإرادة حيال وضعيته العلنية، ولا يد له بالظهور عارياً. الخصوصية الالكترونية قلقٌ يُضاف الى أزمة البشرية المفتوحة على الهاوية.
[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم