الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

اسكوتلندا طعنة للكبرياء الانكليزية

سميح صعب
سميح صعب
A+ A-

حتى لو كانت اسكوتلندا استقلت عن التاج الانكليزي، فإنها لم تكن لتتحالف مع روسيا أو دول البريكس في سياق الصراع على زعامة العالم، وما كانت ايضاً لتقيم علاقات تحالف مع ايران أو مع سوريا أو كوبا أو كوريا الشمالية وسائر الدول التي يرى الغرب أنها لا تنتمي الى عالمه ويجب ان تبقى محكومة بعقوبات أبدية. وما كانت اسكوتلندا لتدعم احزاباً ومنظمات يضعها الغرب على لائحة الارهاب.


وعلى رغم ان رئيس الوزراء الاسكوتلندي الكس سالموند سعى الى الاستقلال بواسطة صناديق الاقتراع وليس بواسطة السيف على طريقة مواطنه البطل القومي وليم والاس، فإن الهلع دب في أوساط المملكة المتحدة التي حاولت بشتى الطرق تحذيراً وترغيباً ثني الاسكوتلنديين عن الاقتراع بـ"نعم" على الاستقلال. فالمملكة المتحدة شعرت انها ستكون مطعونة في كبريائها القومية لو انفصلت عنها اسكوتلندا.
وفي الواقع ليست لندن وحدها التي شعرت بثقل الخطوة الاسكوتلندية، بل ان الولايات المتحدة تدخلت وقالت إنها تفضل بريطانيا "قوية متحدة" في اشارة الى ممانعة واشنطن في انفصال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة.
وكما في الولايات المتحدة كذلك في أوروبا، كانت دول مثل اسبانيا وايطاليا وبلجيكا ترتعد من الفكرة الاسكوتلندية وتخشى ان تنتقل العدوى اليها اذا مضى الاسكوتلنديون في طريق الانفصال. وهنا ثمة سؤال يطرح نفسه عن الدافع الذي يجعل دولاً في غرب أوروبا عرضة للتفكك على غرار تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا بعد خروجهما من الفلك السوفياتي أو كما حصل في صربيا نفسها.
ويبدو من نافل القول إن دافع الاسكوتلنديين الى الانفصال ينطوي على عوامل عدة، لكن أبرزها العامل القومي، ثم الشعور بأن الظروف الدولية مهيأة لتحقيق الاستقلال. وهذا لا يقتصر على اسكوتلندا بل يتجاوزها الى دول أخرى في أوروبا الغربية، مثل كاتالونيا والباسك في اسبانيا وأهل الشمال في ايطاليا والفلاندر في بلجيكا.
والاتجاه الاستقلالي لا يقتصر على مقاطعات داخل دول، بل ان كثيراً من دول العالم تتوق الى التفلت من الهيمنة الغربية والاميركية وتسعى الى انتهاج استقلالية في سياساتها. فالعالم اليوم يشهد تمرداً على القطب الواحد. وهذا ما يجد ترجمته في روسيا والصين والهند. حتى ان دولاً أخرى مثل جنوب افريقيا ومصر أو تركيا تحاول ان تستقل بسياساتها عن أميركا وان تتبع نهجاً متوازناً بينها وبين الدول الصاعدة في العالم.
إزاء هذه النزعة الاستقلالية المتصاعدة، يشعر الغرب وأميركا في الطليعة بأن العالم ينزلق من بين اصابعهما، حتى لو قال باراك أوباما إن القرن الحادي والعشرين هو قرن أميركي أيضاً!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم