الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

كصوت صارخٍ كفى

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

هذا هو الرجل المناسب، في الوقت المناسب، للموقع المناسب وللمهمة، بل الرسالة، التي لم تعد مستحيلة، الأزهري بجدارة واستحقاق المفتي عبد اللطيف دريان، كصوت صارخ كفى. فانهضوا وتآلفوا وتعاونوا.


في هذه المرحلة الاستثنائية، المصيرية بكل معنى الكلمة،أحوج ما يكون لبنان إلى رجالات ومسؤولين وقياديّين يتحلّون بعقلٍ، وفكرٍ، وقلب وشجاعة، ورجاحة، وصفات كالتي أبرزت تميُّز شخصيَّة مفتي الجمهورية الجديد. وليس منذ لحظة وقوفه على منبر الخطابة، إنما منذ بدأ مسيرته المليئة بالنجاح والثناء والتقدير.
من النظرة الأولى، والكلمة الأولى، يمكن القول حالاً هذا هو الصخرة التي كان يفتقدها الوطن ليلقي عليها ظهره بطمأنينة وثقة. يستحقُّ خطاب التنصيب، الذي قوبل بالترحيب والتصفيق، أن يكون ميثاقاً متنوِّراً جديداً للبنان وشعوبه التي ما فتئت تبتدع الأزمات والتعقيدات، فيما أخطار المتطرفين ومهالك التكفيريين تقترب من داخل الوطن الذي لا يختلف عن الأيتام، والذي كان يوماً نموذجاً ورسالة وقدوة.
كل ما يتهدَّد لبنان، كلُّ ما يشكو منه المحيط العربي، كل ما يعانيه الإسلام ويتعرَّض له المسيحيّون في هذه الفترة الحرجة، أجاب عنه المفتي المتنوِّر، المنفتح، المعتدل، بنظرة واقعية علميَّة واعية.
لقد كان خطابه رؤية لبنانية، ودعوة للانفتاح والاعتدال والتعقّل، في وطن يدعى لبنان، ووفق الدستور والقوانين والأعراف، وما يرضي الله والدين والحق ويحافظ على الإنسان والأوطان، معلناً التمسُّك بالعيش المشترك الإسلامي المسيحي، وبالطائف: إن انسانيتنا في خطر، وأدياننا في خطر، وأوطاننا في خطر.
لكنه يجيب فوراً أننا لن نسمح لأحد أن يخطف منّا ديننا، كما لن نسمح لأحد أن يخطف منّا وطننا، مع تأكيد الاتفاق التام مع وثيقة الأزهر والمسمّاة منظومة الحريّات الأساسية الأربع: حريَّة العقيدة والعبادة، حريَّة الرأي والتعبير، حريَّة البحث العلمي، وحريَّة الإبداع الفني والحضاري.
ولم يفُته إبلاغ الجميع التمسُّك باتفاق الطائف، والتزام نهج السلم والسلامة والاسلام الكفيل بحماية الانسان والأوطان: إن الفتنة لن تقع، والمحنة ستنجلي، ودماء اللبنانيّين لن تذهب هدراً، مع الحرص على صون الوطن ومؤسسات الدولة.
أما الصرخة الاعتراضية التي أطلقها بكل رصانة وغضب، فقد تناولت الفراغ الرئاسي الذي يجرِّد البلد من حصانته: ماذا تسمّون حالتنا في لبنان، إن لم تكن قد بلغت حدود الجريمة الأخلاقية؟ لم يتمكَّن مجلس النواب حتى الآن من الالتئام لانتخاب رئيس للجمهوريَّة، ولا تستطيع حكومتنا ان تتفق على طريقة لإخراج جنودنا من الاحتجاز.
من حق اللبنانيّين أن يتطلَّعوا إلى غدٍ أفضل، وإلى لبنان مختلف إذا ما استجاب المسؤولون والقياديون والسياسيِّون لهذه النداءات الإنقاذية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم