الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الشريك السوري عقدة أم حل؟

A+ A-

خطة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإضعاف "الدولة الإسلامية" والقضاء عليها نهائياً تعتمد خصوصاً على وجود شريك أساسي على الأرض يقوم بما يعجز عنه سلاح الجو. وقد حقق توزيع الأدوار هذا بعض النجاح في العراق أخيراً، فيما يمثل الشريك السوري "البري" المفترض عقدة العقد، وعائقاً أساسياً أمام الزخم الدولي لمواجهة "داعش".
استناداً الى منظمات إنسانية معارضة، تسيطر "الدولة الاسلامية" على 35 في المئة من مساحة سوريا. وتشير تقديرات الاستبخارات الأميركية الى أن المقاتلين السوريين الاخرين موزعون على أكثر من 1500 مجموعة ذات انتماءات سياسية مختلفة، وأنهم يسيطرون على 20 في المئة من مساحة سوريا. أما أولئك المصنفون معتدلين فلا يسيطرون على أكثر من خمسة في المئة. وتسعى "الدولة الاسلامية" الى تشديد حصارها على ما تبقى من مناطق خاضعة لسيطرة "المعتدلين"، وخصوصاً في حلب حيث يلقي رجال البغدادي بثقلهم لتوسيع "خلافتهم" عبرها.
وازاء التطورات المتسارعة في سوريا، وهذا الفرز المخيف للمعسكر المعارض للنظام، لا تبدو استراتيجية اوباما الا مجرد وعود مكررة بالعمل مع حلفاء في المنطقة وزيادة الدعم للمقاتلين، وهو ما لا ينسجم بتاتا مع الواقع الملح على الارض.
يدرك العالم ان الوضع الخطير في سوريا مع انعكاساته المتزايدة على دول الجوار، يتطلب تحركا دوليا واقليميا سريعا وشاملا لا يقتصر على العاب نارية في سماء العراق او سوريا. فاذا كانت الادارة الاميركية جدية هذه المرة في دعم المعارضة السورية، يفترض ان تبدأ بعد ثلاث سنوات من التمحيص والتدقيق بتحديد الجماعات التي ستتعامل معها بالاسم. وكي يكون دعمها هذا فاعلا لا بد ان يقترن بضغط لعزل سوريا عن التنافس بين دول اقليمية وتوحيد قنوات الدعم المالي للمقاتلين.
وفي المقابل، تنذر اي مبادرة اميركية للتنسيق مع الاسد ضد "الدولة الاسلامية" بزيادة الفوضى في سوريا عموما، وفي معسكر المعارضة خصوصا. واذا كانت واشنطن تسعى اولا الى القضاء على "داعش"، فثمة من يطالبها بموقف واضح مفاده ان الاسد لن يكون له مكان في اي عملية سياسية مهما تأخرت.
لعل وضع المعارضة السورية هو احد التحديات الاساسية لأي تدخل ضد "داعش" في سوريا. واذا كان الغرب يتحمل بعض المسؤولية عن وهن هذه المعارضة وتشرذمها، فإن هذه المجموعات نفسها اخفقت طوال ثلاث سنوات في فرض نفسها بديلا موثوقا به من الاسد نتيجة الانقسامات والمصالح الضيقة. ولعلها في الظروف الراهنة امام اختبار حقيقي لتجاوز انقساماتها الايديولوجية ومصالحها السياسية والتحول شريكا حقيقا للغرب في حربه على "الدولة الاسلامية". اما السلفيون، امثال "جبهة النصرة" و"الجبهة الاسلامية" وغيرهما، فسيبقون تحديا لاميركا وسوريا معا، قبل الحرب على "داعش" وبعدها.


[email protected] / Twitter:@monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم