الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"الإرهاب" يبحث عن تعريف

المصدر: "أ ف ب"
A+ A-

يعود مصطلح "الإرهاب" إلى الواجهة مجدداً مع تشكيل ائتلاف لمحاربته في سوريا والعراق بقيادة أميركية، إلّا أنّ الكلمة تحمل معاني مختلفة وفق مستخدميها، ووفق الدولة التي تنطلق منها.


ويوضح الخبير السابق في وكالة الاستخبارات الأميركيّة "سي آي ايه" مارك ساجمان، واضع كتب عدّة عن موضوع الارهاب، أنّ الكلمة "تستخدم على نطاق واسع إلى درجة أنّها باتت اليوم ترمز إلى "العدو". فكلٌّ يرى الأمور من وجهة نظره: ما يعتبره أحدهم مقاتلاً من أجل الحرية يصنفه الآخر إرهابياً".


وفي هذا الإطار، تعتبر دمشق أنّها يجب أن تكون جزءاً من الجهود الدوليّة لمواجهة المقاتلين الاسلاميين المتطرفين، لأنّها "ضحية الإرهاب منذ أربع سنوات"، أي تاريخ بدء الانتفاضة السلميّة ضد نظام الرئيس بشار الأسد التي تم قمعها بالقوة، قبل أن تتحول إلى نزاع عسكري دام. ولا تقر دمشق بوجود معارضة ضدها، بل تصنف كل الفصائل المقاتلة المعارضة على أنّها "مجموعات إرهابيّة" سواء المعتدلة منها أم المتطرفة.


في المقابل، تتهم المعارضة السوريّة نظام الرئيس بشار الأسد بأنّه "نظام إرهابي"، مشيرةً إلى أنّه يمارس كل أنواع القتل والقمع، ويقف وراء نشأة التنظيمات المتطرفة في سوريا بعدما أخرج قيادييها من السجون. وتحارب المعارضة المسلحة أيضاً تنظيم "الدولة الاسلامية"، الذي تعتبره بدورها "إرهابياً"، لكنها تقاتل النظام جنباً إلى جنب مع "جبهة النصرة" المتطرفة.


وأوضح وزير الخارجية الأميركي جون كيري أخيراً أنّ بلاده لا تشن حرباً على تنظيم "الدولة الاسلامية" فحسب، بل تقوم "بعمل واسع ضد الإرهاب".


وتحدث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند خلال المؤتمر الذي عقد في باريس أمس الاثنين من أجل التنسيق في "مكافحة الارهاب"، عن "تهديد إرهابي كبير" يمثله تنظيم "داعش"، مشدداً على وجوب دعم "الجهات القادرة على التفاوض والقيام بالتسويات الضروريّة حفاظاً على مستقبل سوريا"، محدداً هذه القوى بـ"المعارضة الديموقراطية".


أما في طهران التي لا تشكل جزءاً من الائتلاف الغربي ضد الإرهاب، فاعتبر نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان أنّ "الطريقة الفضلى" لمكافحة الإرهاب تكمن في مساندة الحكومتين العراقيّة والسوريّة اللتين تحاربان الإرهاب". إلّا أنّ واشنطن ترفض حتى مجرد التنسيق مع دمشق في الموضوع، معتبرة أنّ نظام الأسد "فاقد للشرعية".
لم تعد كلمة موضوعيّة
وتشير الأستاذة المحاضرة سارة مارسدن من مركز هاندا لدراسة الارهاب التابع لجامعة سانت اندروز في اسكتلندا، إلى أنّ "كلمة إرهاب لم تعد كلمة موضوعيّة. وأن تكون الأمم المتحدة أمضت عشرات السنين من أجل محاولة التوصل إلى تحديد، يدل على الطبيعة المثيرة للجدل لمفهوم الإرهاب".


ومنذ 1972، تحاول الأمم المتحدة إيجاد تحديد للكلمة من دون أن تنجح في ذلك. وقد اعتمدت 13 معاهدة لمكافحة الإرهاب منذ 1996 من دون أن تتوصل إلى معاهدة شاملة بسبب الخلافات حول المسألة.


اصل الكلمة
وولدت كلمة "الإرهاب" في فرنسا في 1790 في فترة الثورة الفرنسيّة، وكانت تطلق على ماكسيميليان روبسبيار الذي كان يرسل أعداءه إلى المقصلة. ولطالما كانت تحمل في طياتها معنى سلبياً. وحدها مجموعة الفوضويين التي اغتالت القيصر الروسي الكسندر الثاني في 1881 قدمت نفسها بفخر على أنّها "إرهابيّة".


وبقي استخدام الكلمة محصوراً على نطاق ضيق على مدى عقود طويلة من الزمن. ودخلت كلمة "إرهاب" في القاموس الصحافي الفرنسي خلال "معركة الجزائر" في 1957. وبعدها صارت تستخدم للإشارة إلى "منظمة الجيش السري" المؤيد لأن تكون الجزائر أرضاً فرنسيّة.


بعد 11 ايلول
وتقول سارة مارسدن، إنّ كلمة "إرهابي" فرضت نفسها على نطاق دولي بعد اعتداءات 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة. بعد ذلك، "استخدمها رجال السياسة بشكل مكثف، وباتت كلمة عامة تستخدم للدلالة على الأعداء مهما كانوا".


على الأثر، استخدمت العبارة في أفغانستان للحديث عن "حركة طالبان" و"تنظيم القاعدة". واستخدمتها حكومة كييف للإشارة إلى الانفصاليين الأوكرانيين. كما تستخدمها اسرائيل على نطاق واسع للدلالة إلى "حركة حماس" وفصائل فلسطينيّة أخرى.


في آذار 2014، وضعت المملكة العربية السعوديّة أول لائحة لمنظمات ارهابيّة أدرجت ضمنها حركة "الاخوان المسلمين" و"حزب الله" في السعوديّة وتنظيم "القاعدة" وفروعه في جزيرة العرب واليمن والعراق والدولة الاسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة والحوثيين في اليمن. وشهدت السعودية بين 2003 و2006 موجة من أعمال العنف ارتكبها تنظيم القاعدة وكانت السعودية تشير اليه حينها ب"الفئة الضالة".


لتحديد واضح
ويرى أستاذ القانون جينس ديفيد أولين من معهد كورنويل للقانون في ولاية نيويورك، أنّ من مصلحة زعماء العالم التوصل إلى تحديد واضح ومشترك لكلمة "إرهاب". ويقول: "يفترض أن تتنبه الولايات المتحدة إلى عدم تحديد النزاع الحالي على أنّه ضد الإسلام أو حتى ضد الإسلام الراديكالي. لأنّ هذا من شأنه أن يثير تحفظ الكثيرين في العالم. من الافضل تحديد العدو بالاسم مثل القاعدة او الدولة الاسلامية".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم