الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مرضى السرطان والاكتئاب!

A+ A-

يعاني وائل من مرض السرطان منذ نحو عشر سنوات، خضع خلالها لعلاجات عدة، وأمضى هذه السنوات متنقلاً بين عيادة الطبيب وغرف المستشفى يقوم بتغيير الدم جراء إصابته باللوكيميا، أحسَّ مع مرور الوقت أن العلاج بدأ يعطي نتائج فعالة، بيد أنه أصيب لاحقاً بنزيف دماغي أدى إلى إصابته بشلل ما أفقده القدرة على تحريك يده ورجله اليمنى، حينها بدأ حاله يسوء بعد أن صار من الصعب عليه التنقل بسهولة، ما جعل وجعه النفسي يطغى على حدَّة الألم الجسدي مع ما يتبعه من خضات نتيجة الخضوع لجلسات العلاج. في المقابل، يشعر أهل وأقارب وائل بالعجز، لكنهم مؤمنون أن الشفاء غير مستحيل، إلا أنهم لا يدركون أن وائل لم يعد بحاجة فقط إلى علاج للقضاء على المرض فحسب، بل أصبح بحاجة ملحة إلى أن يعبر عما يخالجه، إلا أنه لا يحب أن يشارك المقربين منه آلامه النفسية كي لا يحملهم وزرها، إذ بالنسبة إليه "يكفيهم ما يعانونه بسببي".


الدعم النفسي أساسي!
من الصعب التفكير في أن من يعاني من مرض السرطان لا يجد الدعم الكافي للقتال من أجل البقاء، فمن الطبيعي أن يشعر بالحزن بعد معرفته بالإصابة، يرافقه فقدان الإحساس بمتعة وفائدة الأنشطة التي يقوم بها، إضافة إلى تغيرات في عادات الأكل والنوم، والتعب غير المبرر، والشعور بالذنب من دون سبب وبأن لا قيمة لشيء، مع ما يتبعها من أفكار متكررة بالرغبة في الموت أو الانتحار. من هنا، تشير الاختصاصية بعلم النفس العيادي نادين حداد في حديث لـ "النهار" إلى أنه "من الصعب أن يتمكن محيط المريض من مساعدته في التخفيف من حال الاكتئاب التي قد تصيبه، إذ إن هؤلاء يأخذون الكلمة التي تعنيهم ويفسرونها على طريقتهم الخاصة، كما أن مريض السرطان غالباً ما يعيش حالاً من الإنكار تجاه المرض".
وتؤكد حداد أنه "من الضروري أن يتواجد المعالج النفسي إلى جانب المريض قبل دخول مراحل العلاج وخلالها وبعدها، فغالباً ما يحتاج المريض إلى من يستمع لأفكاره وأوجاعه وأحاسيسه، كما أنه لا يفضّل عموماً البوح بما يخالجه لأهله وأقاربه أو أولاده خوفاً عليهم وللتخفيف من وطأة المرض عليهم. كما أنه لا يعرف أحياناً ما به أو ماذا سيفعل؟". وتلفت حداد إلى أن "هناك مرضى لديهم أمل ويتجاوبون، فيما يعيش آخرون حال نكران، وبعضهم لا يتحمل فكرة المرض، فقد يموت لو عرف أنه مصاب بالسرطان. من هنا، إذا سمح الوضع الصحي بذلك، يُفضَّل أن يخرج المريض إلى مكان يحبه خصوصاً بعد العلاج الذي يتطلب منه البقاء لفترة طويلة داخل المستشفى، كذلك من الممتع إضحاكه وعدم تذكيره بالمرض، كما أنه من المفضل ألا يبقى أناس كثر إلى جانبه طيلة الوقت فقد لا يتحمل ذلك. والأهم أن تدرك العائلة والمريض بشكل خاص أهمية وجود معالج نفسي بقربه لمساعدته ومساعدة عائلته على تحمّل فكرة المرض والتكيُّف معها".


الاكتئاب ليس رد فعل طبيعي!
أشار باحثون في جامعتي أدنبره وأكسفورد بعد سلسلة من الدراسات قاموا بها خلال شهر آب من عام 2014 على نحو 21.000 مصاب بالسرطان ممن يقيمون في اسكوتلندا، ثم حللوا بياناتها، فوجدوا أنه بين 6٪ إلى 13٪ من المرضى يعانون من الاكتئاب، مقارنة بـ 2٪ فقط من عموم سكان البلد. وأفاد الباحثون أن "ثلاثة أرباع مرضى السرطان يعانون من الاكتئاب ولا يحصلون على العلاج النفسي الذي يحتاجونه، وهذه الحاجة - غير الملباة- كبيرة، وترجع جزئياً إلى التركيز على العوارض الجسدية على حساب الحصول على الرعاية النفسية الجيدة إذ غالباً ما يعتقد أهل وأقارب المريض أن الاكتئاب هو رد فعل طبيعي لمن أصيب بالمرض". وذكر الباحثون أنَّ "وجود ممرضة متخصصة بالأمراض النفسية بالقرب ممن يعانون من مرض السرطان يمكن أن يقلل إلى حد كبير من عوارض الاكتئاب لديهم". وأشاروا في دراستهم إلى أنَّه "بعد تجربة تخصيص عدد من الممرضات على نحو 500 مريض، تبيَّن انخفاض معدل درجات الاكتئاب لدى المرضى إلى 60٪، فباتوا أقل قلقاً، وتعباً، وألماً". وأضاف الباحثون أنه "إذا تم اعتماد هذا البرنامج على نطاق واسع، فهذا سيحسن من نوعية حياة آلاف من الناس بغض النظر عن تشخيص حال المريض".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم