الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إيران قاعدة أساسية لأمن المنطقة؟

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

يرى باحثون إيرانيون أن على جمهوريتهم الإسلامية أن تضع استراتيجيا جديدة، في ضوء التطورات العراقية، وخصوصاً إذا كانت متمسّكة بتحقيق أهدافها في العراق. ويرون أيضاً أن الشعب العراقي المسلم الجار للشعب الإيراني ولا سيما الشيعة منه، يواجه أخطاراً أمنية كبيرة، وأن الخطر يشمل حدود بلادهم. ويعتبرون أن ضعف معلومات الأجهزة الأمنية و"تراخيها" في التحليل وقِلّة فاعلية السياسة الخارجية والنظر الى التحوّلات والتطورات من زاوية واحدة، يعتبرون أن ذلك كله ساهم في الوضع الايراني الحالي.
ويعتقد هؤلاء الباحثون أن على القادة في إيران أن يأخذوا في الاعتبار، قبل وضعهم الاستراتيجيا الضرورية لمواجهة ما جرى في العراق، أموراً عدة. منها الانتباه للأحداث والتطورات والتعامل معها بلباقة أكبر. ومنها أيضاً معرفة الحركات الفاعلة في العراق والعشائر، وتقويم موقع الصوفيّين النقشبنديين والقادريين. فضلاً عن ضرورة معرفة الجسم الشيعي والجهات التي تتحرك داخله والتي تعتبر طهران بعضها منحرفاً. ومنها ثالثاً، وجوب أن تكون فاعلية إيران أكبر في بلاد تشترك معها في حدود طويلة وخاضت معها حرباً طويلة دامية.
انطلاقاً من ذلك يرى الباحثون أنفسهم، وهم قريبون من إيران الاسلامية، أن عودة "البعث" والبعثيين تعني عودة الخطر الأمني على حدود البلاد. وذلك أمر لا تستطيع أن تتجاهله إيران وعليها أن تواجهه. ويرون في الوقت نفسه أن إيران والعراق بلدان جاران مُسلِمان، وأن الغالبية الشعبية في الثاني شيعية، وأن قبائل كثيرة عربية وكردية فيهما ترتبط بعلاقات وثيقة، وأن حركة التنقّل بين شعبيهما في البلدين دائمة. ويعني ذلك أن الحضور الإيراني في العراق كما الحضور العراقي في ايران كبير. ولهذا السبب، يتابع الباحثون إياهم، يعرف العالم بوجود تقارب وتداخل بين العراق وإيران. ويعرف ايضاً أن لا امكانية لعزل إيران عن العراق. ورغم هذه المعرفة أوحى الرئيس الأميركي أخيراً ان إيران تعمل منفردة في العراق، وأنه يفكر في عزلها وإخراجها من دائرة القرار فيه، واذا صحّ ذلك فانه سيكون واهماً جداً. ذلك أن الإضطرابات الخطيرة التي تنتشر في المنطقة تجعل من إيران القاعدة الأساسية لأمنها. وعلى قيادتها أن تدرك ذلك جيداً في أثناء تقويمها التطورات العراقية والإقليمية الاخيرة، وفي أثناء وضعها الاستراتيجيا الجديدة لمواجهتها. فذلك هو السبيل كي تحافظ على حقوقها ومصالحها. لكن يُفترض أن تتعامل إيران مع العالم والقوى الاقليمية من عربية وإسلامية بفاعلية ولباقة و ثبات، وليس بحياء أو بانفعال. فالأساليب القديمة لم تعد نافعة، وضروري أن تستفيد القيادة المذكورة في هذا المجال من الجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة.
هل تكفي العناصر التي تحدث عنها الباحثون الإيرانيون الموضوعيون لوضع ايران الاسلامية استراتيجيا إقليمية جديدة أو لتطوير استراتيجيتها الحالية يكون هدفها تعويض "الخسارة" المبدئية التي وقعت فيها في العراق؟
انها عناصر مهمة فيها اعتراف صادق بأخطاء شكَّلت السبب الرئيسي للخسارة المشار إليها، لكنها غير كافية في رأي باحثين ومتابعين عرب وأجانب. إذ يجب أن تنطلق إيران من استحالة تحوّلها دولة متحكِّمة أو مسيطرة أو مهيمنة على الشرق الأوسط وتحديداً قلبه بالاستناد الى أقليات متنوعة، وإلى دعمها الكبير للقضية الأهم عند المسلمين وتحديداً "أكثريتهم" فلسطين الذي لا يصل الى حد الحرب المباشرة مع اسرائيل المغتصبة، وكذلك بالتمسك بالتحول قوة إقليمية عظمى معادية للدول الكبرى والعظمى في العالم ومهدِّدة لمصالحها. ولا يعني ذلك دعوتها الى التحول دولة – جرماً تدور في فلك هذه الدول وتعتمد على حمايتها وتتجاهل مصالحها حماية لمصالح الآخرين. بل يعني إدراكها حقيقة أساسية هي أنها ورغم قوتها تحتاج الى المجتمع الدولي لمواجهة الارهاب الديني – المذهبي الاسلامي في هذه المرحلة، وإلى المجتمع الاقليمي العربي وغير العربي مثل حاجتهما اليها. ويعني إدراكها حقيقة أخرى هي أن الحرب المذهبية الإسلامية إذا انطلقت وعمّت لن تكون في مصلحتها كما في مصلحة الآخرين على المدى البعيد. والإدراكان لا يحولان ابداً دون فرضها نفسها على العالم والمنطقة وبموافقتهما قوة مهمة ذات دور اساسي فيهما. إلا أن اصرارها على أن تكون الأساسية لأمن المنطقة فصعبٌ كثيراً.
من أسقط الرئيس نوري المالكي؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم