الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

عيتنيت تحتضن المقر الصيفي لمطرانية زحلة للروم الكاثوليك

المصدر: زحلة - "النهار"
A+ A-

في علامة مضيئة، من علامات زمن تصارع فيه المنطقة مشاريع هدّامة تضطهد الآخر المختلف، احتفلت ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك، الاحد الفائت، بتدشين المركز الصيفي للمطرانية في بلدة عيتنيت في البقاع الغربي، بناء على الرغبة التي ابداها المطران عصام درويش منذ توليته على الابرشية. في خطوة اعتبرها رئيس بلدة عيتنيت أسعد نجم "علامة رجاء وأمل لأبناء هذه البلدة ودعوة للتجذر في هذه الأرض". مشيرا الى ان "عيتنيت هي نموذج مؤلم لجرح الهجرة النازف من الحرمان والإهمال، حتى غدا مغتربو هذه البلدة يشكلون أكثر من تسعة أضعاف سكانها المقيمين في لبنان". ولكن عيتنيت هي ايضا، كما يلفت رئيس بلديتها "نقطة إلتقاء للعيش المشترك". موضحا بان "هذا الموقع بالذات مشرف على حضور الطائفة الشيعية الكريمة جنوباً والتي يتشارك أبناؤها مع أبناء عيتنيت في الأفراح وفي الأحزان، وهو أيضاً محاذٍ تماماً لحضور الطائفة السنية الكريمة شرقاً حيث تتقاسم بلدة عيتنيت مع بلدة القرعون مياه البحيرة والسد المنشأ ضمن النطاق العقاري لكل من البلدتين، ولم تحل البحيرة دون إستمرار روابط الإلفة والمحبة التي تجمع أهالي البلدتين منذ القدم. وبلدة عيتنيت تسند ظهرها إلى جبل نيحا، جبل التعايش الدرزي المسيحي، وتشكل مع مشغرة بداية ما تبقى من حضور مسيحي في الشريط الغربي". وختم متوجها الى المطران درويش "فليكن هذا المقرّ، يا صاحب السيادة ، ملتقى للعيش المشترك على صورة جغرافية هذا الموقع ورمزيته".
وقد تلون الحضور في حفل التدشين بالوان تعددية البقاع الغربي، مؤكدا الرسالة التي رأها رئيس بلدية عيتنيت "من وراء تحويل هذا المعلم إلى مقر صيفي لمطرانية زحلة: حضور، وإنفتاح، وعيش معاً" .مضيفا: "في هذا الزمن الذي تقفل فيه المنطقة العربية على مشهد قاتم من التناحر والتفرقة والتقوقع وغياب التسامح، فخر لعيتنيت أن يتناوب محمد وعارف وكامل وغيرهم، سنّة وشيعة، مع أخوانهم، على قرع أجراس كنيسة سيدة الإنتقال في عيتنيت في عيد إنتقالها. وأن يرفع المسلمون في عيتنيت الأعلام المريمية على شرفات منازلهم، وأن يشارك المسلمون في هذه المنطقة أبناء بلدة عيتنيت في إحتفالات عيد السيدة بصورة عفوية السنة كما في كل سنة". موجها التحية إلى زحلة، "زحلة بالنسبة لنا هي الوجهة، وهي الهامة في العمل الرعوي . أما في عيتنيت فالمجال هو للنشاط الرسولي.
وهو اذا كان قد اعرب عن ايمانه "بأن قرار تحويل هذه الدار إلى مقرٍ صيفي لكرسي زحلة والبقاع، هو من أعمال الروح القدس"، عللّ المطران درويش بمكافأة روحية وزمنية من خلال اقامته بالدار: "غداً يا سيد، عندما تقفون في الصباح على شرفة هذه الدار، من على هذه التلة المشرفة على مشهدية مرسومة بريشة الخالق : بحيرة ومنحدرات وتلالاً وجبال ، وفي الخلفية جبل مقدس يمتد على حدود الأفق ، حرمون ، وقد لفّه الضباب الأبيض، سوف تذكرون ما تقرأونه في كل سنة على مسامع المؤمنين خلال هذا الشهر، من أن معلماً صعد مع تلاميذٍ له، بطرس ويعقوب ويوحنا أخوه، منذ حوالي ألفي سنة إلى جبلٍ عالٍ، هذا الجبل، وتجلى فأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور، ولسوف يتراءى لك يا سيد، من خلال هذا الضباب الشديد البياض، الغمامة النيّرة التي ظللت المعلم وتلاميذه والصوت الذي خرج منها يقول " هذا هو إبني الحبيب الذي به سررت فله إسمعوا":( متى 17 : 1-5 ). ولقد سمعتم يا سيد نداء الرب ، فلبيتم النداء."
ثم كانت كلمة للمطران درويش شرح فيها اهمية وجود مركز للمطرانية في البقاع الغربي، "لقد أردنا بهذا المشروع أن نؤكد إيماننا بالعيش الواحد، رغم موجة الإرهاب التي تجتاح بعض بلدان العالم العربي. واردنا أن يكون التدشين اليوم لنؤكد بأن وطننا الجميل هو أنتم، هو كل مكونات مجتمعنا، مسيحيين ومسلمين ودروز. إن منطقة البقاع الغربي تمتعت دوماً بالعيش الواحد وبالتآخي بين الجميع، لذلك أحببت هذه المنطقة ولذلك أحببتكم فأنتم دعاة سلام وحوار وتواصل".
واضاف: "هنا لا بد أن أتذكر معكم من نحيي ذكرى غيابه اليوم، الإمام موسى الصدر. هذا الصوت الصارخ الذي وقف سداً منيعا أمام أصحاب الفتن ليحافظ على وحدة لبنان وعلى العيش المشترك ونذكر كلنا ما قاله في كنيسة الكبوشية في بيروت: "اجتمعنا من أجل الإنسان الذي كانت من أجله الأديان.. والأديان واحدة حيث كانت في خدمة الهدف الواحد: دعوة إلى الله وخدمة للإنسان، وهما وجهان لحقيقة واحدة".
ومضى المطران درويش قائلا: "ما يحصل اليوم على حدودنا وفي سوريا والعراق، من قتل وإرهاب ودمار من قبل جماعات تكفيرية، هو اعتداء ليس على المسيحية فحسب ولا على الأقليات بل ايضا على الإسلام وسماحته وهو تسخير للدين وللعزة الإلهية من أجل مصالح دنيوية وشخصية. لذلك نرى أن أصحاب الغبطة بطاركة الكنائس الشرقية على حق عندما قالوا في بيانهم وبعد زيارتهم التاريخية للعراق: "لكي تتمكن دول الشرق الأوسط من أن تنعم بسلام عادل وشامل ودائم. ينبغي عليها، أن تعمل على فصل الدين عن الدولة وقيام الدولة المدنية".
وختم درويش كلمته بدعوة: "تعالوا نوطد العزم لنكون دعاة حوار وسلام في مجتمعنا، علّنا نحقق ما قاله يسوع المخلص لنا في الإنجيل المقدس: "طوبى لفاعلي السلام فإنهم ابناء الله يدعون".
والمقر الصيفي لمطرانية زحلة والفرزل والبقاع للروم الكاثوليك، على ما اوضح رئيس بلدية عيتنيت، شيّد على عقار للمغترب نجيب مراد، الذي انقرضت عائلته في عيتنيت اليوم، انشأ عليه منذ أكثر من ستين سنة مدرسة وأوقفها لمصلحة وقف طائفة الروم الكاثوليك في عيتنيت، مشيّداً قربها مدفناً أثرياً اكراما لوالديه. مع بداية السبعينات من القرن الماضي حوّلت هذه المدرسة، إلى مقرّ للمخيمات الصيفية بمبادرة من إبن البقاع الغربي الدكتور نبيه غانم، قبل أن تعصف الأحداث الأليمة بالبلاد ويتوقف أي نشاط تربوي أو ترفيهي في هذا المكان .
الى ان تمت تولية المطران عصام درويش على ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع، الذي اوضح انه "من حينها كانت فكرة بناء مقر للمطرانية في البقاع الغربي تراودني، فوجدت هذه القطعة من الأرض وفيها كتلة من الإسمنت لا حياة ولا روح فيها. وقد راقني هذا الموقع الطبيعي المشرف على بحيرة القرعون وعلى سهل البقاع الجميل، وهو ملتقى لجميع الطوائف والأديان". متوجها بالشكر لأهالي عيتنيت، وكل من شجّع وساهم في إنجاز هذا الدار.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم