الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بيت فلسطيني مكين

علي بردى
A+ A-

خاض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حربه "الجرف الصامد" على غزة بهدفين معلنين: تدمير حكومة الوحدة الوطنية التي تمكن الفلسطينيون من تشكيلها بعد طول انقسام، ونزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع. أخفق. غير أن هذا الفشل الإسرائيلي لا يمكن أن يعد انتصاراً فلسطينياً.


كيف يكون ذلك وقد سقط في غزة أكثر من ألفي قتيل و11 ألف جريح فضلاً عن الدمار الهائل؟ أما حان بعد عند العرب أوان وقف الصعود والوقوف على جثث القتلى وعلى أحزان الناس لرفع شارات النصر؟ ألا يكفي أن اسرائيل حوّلت القطاع سجناً كبيراً لنحو مليون و800 ألف فلسطيني بحصار من البر والبحر والجو منذ سنوات؟ يعتقد كثيرون أن الغزيّين بنوا الأنفاق عبر الحدود الى اسرائيل ومصر لتهريب ما يمكنهم من أسباب العيش ومن السلاح لمحاربة من يحاصرهم ويحتل أرضهم. ينتمي الى منطق أخرق الجدال الرسمي الإسرائيلي بأنه كان على الفلسطينيين أن ينصرفوا الى بناء المدارس والجامعات والمصانع عوض بناء الدهاليز تحت الأرض.
ليس في إمكان الفلسطينيين الا أن يعضوا على جرحهم العربي. لم تكن نتيجة وساطة مصر سيئة على قبح مبادرتها. عاد الجميع الى هدنة عام 2012، ريثما يتجدد البحث عن مخرج من المأزق الذي وقعت فيه مفاوضات السلام بسبب استمرار النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية. يمكن الرئيس عبد الفتاح السيسي أن ينال المزيد من المشروعية الدولية عبر هذه الجهود. غير أن أي سعي لإطلاق عملية تفاوضية جدية بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين، لا بد أن يمرّ بمجلس الأمن.
انطلاقاً من الحرب الجديدة على غزة، وضع الأردن - بإسم المجموعة العربية – مشروع قرار بالحبر الأزرق، وقدم الأوروبيون اقتراحات في "لا - ورقة" غير رسمية، وكتب الأميركيون مشروعهم الذي يلتقي كثيراً مع الأوروبيين. ثمة اجماع دولي على انشاء آلية مراقبة وتحقق من وقف النار في غزة. يمكن هذه الآلية أن تعني للفلسطينيين نوعاً من الحماية الدولية التي يتطلع اليها الرئيس محمود عباس، وللاسرائيليين نوعاً من الضمانة الأمنية التي يريدها بنيامين نتنياهو.
غير أنها لا تتسم بالواقعية كثيراً الأفكار التي يقترحها الأميركيون والأوروبيون لقرار على غرار 1701 يجعل غزة منطقة خالية من الأسلحة والمسلحين والأنفاق. فاسرائيل نفسها لم تفلح في فرض شرطها هذا خلال حربها الضارية التي استمرت طوال 51 يوماً. ما كانت مفاوضات القاهرة لتتوصل أصلاً الى هذه الهدنة الطويلة لو لم يسقط هذا البند منها. ترنحت الصيغة الأولى من المبادرة المصرية بسبب هذا الاقتراح.
الفلسطينيون لا يحتاجون الى ادعاءات النصر الدامية، بل الى بيت سياسي مكين.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم