الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

I Like and I Share ... إذًا أنا موجود!

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
A+ A-

"I Like, I Share, I Comment ... إذًا أنا موجود". مقولة تصحّ إذا أُسقطت على روّاد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي. فلا يمرّ حدث أو ظرف أو حملة إلّا ونرى صفحات هذه المواقع تضجّ بالتعليقات المندّدة أو المؤيّدة، والمشاركات التي تمطرنا بآراء منوّعة، ولا ننسى طبعًا استقطاب الإعجاب، فحصد الـ"Like" ضروري في هذا العالم الافتراضي إذ يؤكّد على شعبيّة المشارك وآرائه.


يكثر التفاعل الافتراضي سواء في الأمور العادية أو الأحداث الاستثنائيّة أو لدعم حملات وحشد مؤيدين.


فإذا "شتت الدني بآب" لا يبقى أحد إلّا ويتحفنا بصور المطر المتساقط. إذا تساقط الثلج في عزّ الشتاء، يصوّر الحدث على أنه نادرٌ وغريب في بلد الثلج. لكن اللافت هو دعم حملات توعويّة والتسابق على المشاركة فيها افتراضيًا كما حصل مع حملة التوعية من مرض التصلّب الضموري الجانبي التي عُرفت بالـ#ALSIceBucketChallenge واجتاحت وسائل التواصل بغض النظر عمّا إذا كان المشاركون فيها فقهوا الهدف الأساسي منها أم انجرّوا وراء ما اعتبروه دعابة وتسلية.


إضافة إلى ذلك، هناك الحملات الوطنيّة والاجتماعيّة والدينيّة التي لا يجب المرور عليها مرور الكرام، بل يجب "تمريك" موقف منها، سواء أكان مؤيّداً أم معارضاً. فهل نسينا حملة دعم "النصارى" بعد حملة الإبادة والتهجير التي طاولت مسيحيي العراق وانتشار صور حرف النون (ن) على الصفحات، أو حملة نريد رئيسًا للجمهوريّة وتناقل الهاشتاغات المعبّرة، وأخيرًا تأتي حملة #لا_للتمديد... وللمفارقة كانت كلّها مدعومة افتراضيًا بآلاف وملايين المشاركات والإعجابات فيما بقيت التحرّكات التي رافقتها في الشارع خجولة لم تسجّل وجود بعض المئات وأحيانًا العشرات.


هذه أسبابي!
في استطلاع لـ"النهار"، يقول فادي: "في لبنان، الوسيلتان تتساويان من حيث الفعاليّة المعدومة في إحداث تغيير. الشعب لم يعد يؤمن بالنزول إلى الشارع لتحقيق مطالب، خصوصًا أن أحداً من المسؤولين الحزبيين أو الرسميين يكترث للشعب، بل يسعى لخدمة أهدافه الخاصّة والتغاضي عن المصلحة العامّة. والأمر سيّان في مواقع التواصل الاجتماعي".


في المقابل يقول محمد: "السوشيل ميديا هي الوسيلة الأسرع للتواصل والتعبير عن الأفكار في شكل أفضل. وأهمّيتها تزداد يومًا بعد يوم من كلّ النواحي، العاطفيّة والاجتماعيّة والتجاريّة وحتى الخبريّة. وتالياً هذه المواقع ضروريّة لدعم أي تحرّك على الأرض، بنظري هما مكمّلان لبعضهما البعض ولا يمكن التخلّي عن أي وسيلة للتعبير وإيصال الرأي".
أما نديم فيقول: "التفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي أفضل، لأننا نصل إلى عدد أكبر من الأشخاص، إضافة إلى اطلاعنا على أمور أكثر، فأحيانًا يمكننا المشاركة وإبداء الرأي و"التظاهر" من خلال السوشيل ميديا، فيصل صوتنا بطريقة أسرع".


إلى ذلك يقول ربيع: "التفاعل والتواصل في السوشيل ميديا ضروري، ولا بدّ من مواكبة العصر والتطوّر. لكن ذلك لا يكفي في قضايا معيّنة، بل يجب إتباعه بتحرّك على الأرض لا يقلّ شأنًا وحضورًا عن التحرّك الافتراضي. كي لا تتحوّل القضايا الأساسيّة مجرّد كلام مصفوف على الجدران الافتراضيّة، وبغض النظر عمّا إذا تجاوبت الجهات المسؤولة أم لا، فالتظاهر أساسي ولا بدّ للظلم أن ينجلي يومًا ما وتتحقّق المطالب".


بين الشارع والعالم الافتراضي
ما الذي يدفع الناشطين للتحرّك افتراضيًا والتخاذل واقعيًا؟ تقول رئيسة قسم العلوم الاجتماعيّة في جامعة الروح القدس الكسليك، الدكتورة ميرنا عبود المزوّق، لـ"النهار": "النقطة الأساسيّة في الموضوع هي الالتزام. هناك التزام حقيقي وتطبيقي وآخر مبدئي. الأوّل يترافق مع العمل على الأرض وتقديم وقت وجهد لصالح قضية يدافع عنها الفرد أو يعمل لأجلها، وتكون مرتبطة بمشروع حياة. أما الثاني فيرتبط بتربية الفرد، ويقضي بإعلانه موقفًا مؤيّدًا أو رافضًا لقضية معيّنة، وهو أشبه بتوقيع عريضة أو التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتاليًا لا يرتّب أي نشاط على الأرض. لا يوجد تعارض بين الالتزامين إنّما يجب التمييز بينهما".


علامَ تدلّ هذه الظاهرة؟ وبماذا يفيد هذا التفاعل الافتراضي؟ تقول المزوّق: "لوسائل التواصل الاجتماعي مستوى تحسيسي ومعرفي، إذ سهّلت عمليّة التعبير عن المبادئ والتعرّف إلى الحقوق والقضايا السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة المختلفة. مستوى تأييدي من خلال مساندة الأفراد لقضايا وأفكار معيّنة وإبداء الرأي حولها. ومستوى تفاعلي وتطبيقي من خلال النشاط والفعل. لذلك إنّ زيادة عدد المؤيدين أمر إيجابي، ويدلّ على نوعيّة تربية الأفراد والتزامهم بقيم مختلفة، وليس دليل خفّة. في وقت هناك نسبة من المؤيدين الحقيقيين الذين يتحرّكون على الأرض وينشطون أكثر. قد لا يصل الكلّ إلى المستوى الثالث، لكن تخطّي المستويين الأوّل والثاني ضروري في كلّ المجتمعات، وهو ما تؤمّنه هذه المواقع".


خطران يهدّدان المجتمعات
هل هناك غياب ثقة وعدم إيمان عند الناس بقدرتهم على إحداث تغيير، ما يؤثّر في نسبة المشاركة؟ ترّد المزوّق: "هناك خطران يهدّدان كل المجتمعات، وهما خطر الاستقالة وخطر التفرّج الاجتماعي، أي أن يجلس الفرد ويشاهد الأحداث والقضايا التي تطاوله كما لو أنه يشاهد التلفزيون، هذا الفرد ينتمي إلى شريحة مستقيلة ومتفرّجة . بينما تأييد القضايا في مواقع التواصل الاجتماعي لا يعني الاستقالة والتفرّج الاجتماعي، بل إنه نشاط تأييدي ومساعد، يقدّم حلولًا أحيانًا ويساند في أحيانٍ أخرى، إذ من غير الضروري نزول كلّ المؤيدين إلى الشارع لدعم قضية وخلق رأي عام حولها".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم