الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مفاهيم النصر والهزيمة

رندة حيدر
A+ A-

من الامور المثيرة للاهتمام بعد الاعلان عن التوصل الى وقف النار، مقارنة ردة فعل الشارع الفلسطيني في غزة بموقف الشارع الإسرائيلي. ففي حين انفجرت التظاهرات الشعبية في غزة احتفالاً بالنصر على انقاض الدمار الهائل الذي خلفه 50 يوماً من القتال الضاري بين الجيش الإسرائيلي و"حماس"، سادت أجواء من خيبة الامل والاحباط الجمهور الإسرائيلي الذي كان يتوقع نتائج مختلفة لهذه الحرب، الامر الذي عزز الانطباع العام ان "حماس" هي التي خرجت منتصرة.


لسنا في معرض مناقشة ما اذا كانت "حماس" انتصرت عسكرياً بالفعل في هذه الحرب، ولكن من شبه المؤكد انها استطاعت ان تحقق انتصاراً في الحرب النفسية التي شنتها منذ اللحظة الأولى على إسرائيل. فقد نجحت في مفاجأة الحكومة الإسرائيلية وفرضت عليها خوض مواجهة عسكرية لم تكن ترغب فيها. اذ كانت تقديرات الاجهزة الاستخبارية الإسرائيلية على انواعها قبل العملية تستبعد نشوب مواجهة مع "حماس" نظراً الى الازمة المالية والسياسية التي تعانيها الحركة. وتبين لاحقاً ان هذه الازمة تحديدا كانت وراء دخول الحركة مواجهة من اجل تحقيق هدف اساسي هو رفع الحصار عن قطاع غزة. كما اخطأت الحكومة الإسرائيلية في حساباتها عندما اعتقدت ان "حماس" بعد الضربات القاسية التي تلقتها في الاسابيع الاولى للعملية ستستجيب للاقتراح المصري وقف النار، لكن هذا لم يحصل ونجحت الحركة في زجّ إسرائيل في حرب استنزاف استهدفت المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع مما ادى الى تفريغها من سكانها.
في ظل هذا المفهوم، يمكن القول ان "حماس" انتصرت على إسرائيل. لكن السؤال الاساسي كيف سيترجم هذا الانتصار سياسياً؟ هل تنجح "حماس" في المفاوضات المقبلة بعد شهر في رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر والحصول على الحق في بناء مرفأ ومطار؟ وكيف يمكن الحركة ان توفّر الاموال اللازمة لاعادة اعمار غزة من دون تلبية الشرط الإسرائيلي نزع السلاح الثقيل من غزة؟ ومن سيعوّض الغزاويين خسائرهم في الارواح والممتلكات؟
في المقابل، يبدو الجمهور الإسرائيلي حانقاً على رئيس وزرائه لانه انهى الحرب من دون حسم. وهم حانقون على وزير الدفاع ورئيس اركان الجيش لترددهما في اجتياح غزة براً والقضاء على "حماس" بالقوة. ويبدو ان نتنياهو سيضطر الى دفع ثمن هذه النقمة الشعبية، ليس فقط من شعبيته، بل من حياته السياسية.
ان الذي سيحدد المنتصر والمنهزم في الحرب الاخيرة هو بنود الاتفاق الذي سيجري التفاوض عليه في القاهرة بعد شهر. حينها سيتضح ما اذا كان موت 2000 فلسطيني ودمار عشرات آلالاف من المنازل قد ذهبا هباء أم لا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم