الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

مقاطعو جلسات انتخاب رئيس الجمهورية يتحمّلون مسؤولية التمديد الثاني للمجلس

اميل خوري
A+ A-

يدير الرئيس نبيه بري بحنكة وحكمة أزمة الانتخابات الرئاسية ومشكلة التمديد لمجلس النواب معطياً الوقت مزيداً من الوقت لمساعي إخراج لبنان من المأزق الذي وضعه فيه الأنانيون والمصلحيون والوصوليون والانتهازيون، ويرفض الخوض في الحديث عن التمديد ويسأل: "لماذا طرح التمديد لمجلس النواب ولا يزال أمامنا بعد الوقت الكافي لانجاز الاستحقاق الرئاسي؟"، مضيفاً انه "لا يزال امام انتهاء ولاية المجلس ثلاثة أشهر (20 تشرين الثاني المقبل) وهي مهلة كافية لانتخاب رئيس إذا حصل التوافق الداخلي على هذا الموضوع الملح، وأن كل يوم يمر يزيد الامور تعقيداً".


ويحاول الرئيس بري إعطاء فرصة كلما ضاعت فرصة توصلاً الى الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية لأن هذا الانتخاب هو مفتاح الحل لكل المشكلات التي تواجه البلاد، وهو يعول في التوصل الى ذلك على اتصالات النائب وليد جنبلاط وعلى مساعي البطريرك الكاردينال الراعي وعلى كل داخل او خارج يشارك حتى اللحظة الاخيرة في هذه المساعي، وظهور ملامح تقارب سعودي – ايراني يريح لبنان والمنطقة، فإذا تكللت بالنجاح يكون لبنان قد خرج من المأزق وأعاد بانتخاب رئيس الأمل إلى أبنائه والقدرة على تجاوز كل المخاطر التي تأتيه من دول المنطقة ولا سيما المجاورة له فينصرف عندئذ الى معالجة مشكلة اللاجئين السوريين إليه بوحدة موقف ورؤية مشتركة والتصدي لكل تنظيم ارهابي صفاً واحداً، وهو ما ظهر في عرسال وفي طرابلس وفي عكار حيث يعتقد هذا التنظيم انه يجد بيئة حاضنة له. وما انتصار الجيش وقوى الامن الداخلي في معاركهما ضد الاصوليين والمتطرفين الا بوحدة الداخل على اختلاف اتجاهاته ومشاربه ومذاهبه، وهي وحدة تمنع وجود مثل هذه البيئة، وما قول الشيخ نعيم قاسم نائب الامين العام لـ"حزب الله" ان الواقع اللبناني يتطلب حدا من التفاهمات التي يربح فيها الجميع والحل الوحيد هو تفاهم الاطراف المختلفة"، سوى تشجيع على ترجمة ذلك. اما اذا لم تنجح المساعي المبذولة في التوصل الى انتخاب رئيس للجمهورية، فإن من كانوا سبب ذلك يكونون هم المسؤولون عن التمديد لمجلس النواب، لأنه يصبح تمديداً لا بد منه وتفرضه الضرورة القصوى، وعلى من يعارض ذلك، لكسب سياسي وشعبي رخيص، ان يعطي الاولوية لانتخاب رئيس للجمهورية ولا يغيّر تسلسل الاستحقاقات ومواعيدها التي تبدأ بالرئاسة الأولى ثم بالرئاسة الثانية وتنتهي بالرئاسة الثالثة، وعلى هذا المثل تقف ركيزة الحكم والدولة ويستمر فيها الميثاق الوطني.
لذلك فليس من حق من يعرقل انتخاب رئيس للجمهورية ان يعارض او يعترض على التمديد لمجلس النواب، وهو وحده يتحمل مسؤولية اللجوء الى هذا التمديد وإن كان أبغض الحلال، وإلا فإنه يكون يخطط لإحداث فراغ شامل لا خروج منه الا بتعديل دستور الطائف وهو تعديل قد لا يمر بسلام وسط الاجواء المذهبية السائدة في المنطقة، وقد لا يتم التوصل اليه الا بعد فوضى عارمة لا يقوى وضع لبنان الهش على تحملها، فيكون شأن هؤلاء شأن من اختلفوا على اسم المولود قبل ان يولد، او يولد ميتاً... فعلى قوى 8 و14 آذار التفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية قبل انتهاء مدة التمديد لمجلس النواب خصوصا ان الصورة باتت واضحة وهي ان لا اتفاق الا على رئيس مستقل يكون رئيس تسوية كما تم التوصل الى اتفاق على تشكيل حكومة تسوية وإلا تحمل المستمرون في عرقلة انتخاب الرئيس المسؤولية امام الله والوطن والتاريخ. والمعرقلون باتوا معروفين من كل الناس وهم نواب "حزب الله" ونواب "تكتل التغيير والاصلاح". فإذا كان هؤلاء يعرقلون انتخاب رئيس للبلاد ويرفضون تاليا التمديد لمجلس النواب ويدعون الى اجراء انتخابات نيابية على اساس قانون لا اتفاق عليه ولا الاجواء الامنية صالحة لاجرائها فإنهم يكونون يعملون على إسقاط الدولة وعلى تهديد كيان لبنان وصيغته الفريدة، في حين ان المنطق يقول بانتخاب رئيس للجمهورية تجنباً لتمديد ثانٍ لمجلس النواب وربما ثالث... وبتحويل الحكومة حكومة تصريف اعمال هذا اذا لم تنفجر من الداخل فتكتمل عندئذ حلقة الفراغ القاتل. ولا منطق أبداً في منع انتخاب رئيس للجمهورية وفي رفض التمديد لمجلس النواب وفي الابقاء على حكومة قد تنفجر من الداخل. فعلى من يرفض التمديد ان ينتخب رئيساً للجمهورية وإلا عليه القبول بتمديد تفرضه الضرورة القصوى لأن ثمة مشاريع حيوية وملحة تتطلب مصادقة المجلس عليها ومنها: قانون الاوروبوند الذي حذر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من عواقب التأخر في إقراره، وقانون الموازنة العامة. فليس إذا سوى انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية ايلول المقبل او قبل منتصف تشرين الاول حداً أقصى ما يساعد على حل كل العقد والملفات الساخنة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم