الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لتحالف يطيح "داعش" ويزيح الأسد

A+ A-

لعلها المرة الاولى في تاريخ النزاعات تبدو الحرب واجباً أخلاقياً وخدمة للانسانية. صار استخدام القوة لوقف الابادة التي تنفذها "الدولة الاسلامية" في العراق وسوريا أكثر من مبرر كاف للعمل العسكري. ففي زمن استخدمت فيه الطائرات المدنية صواريخ وتحول قطع الرؤوس المصوّر مفخرة، بات ضرباً من الجنون السماح لتنظيم جهادي بهذا المستوى من البربرية وبهذا التفكير الطائفي الكريه، السيطرة على مساحات شاسعة من بلدين واقامة دولة أمر واقع ذات ثروات كبيرة وطموحات لا حدود لجنونها.


على رغم الاخطاء الفظيعة لسياسات واشنطن في المنطقة، قد يكون ثمة اجماع حالياً بين خصومها قبل حلفائها على أنها الوحيدة القادرة على ضرب التنظيم. ثمة اقتناع بأنه اذا لم توسع واشنطن تحركها ضد "داعش" ، فما من دولة أخرى يمكنها القيام بالمهمة. ولكن هل تتحرك واشنطن لوقف الابادة التي ينفذها التنظيم في حق كل من يعصاها من العراقيين، سنة وشيعة ومسيحيين وأكراداً وايزيديين وتركمانا، والسوريين بكل أطيافهم، أم لاغاثة النظام السوري واعادة تعويمه؟
يبدو الوضع في العراق على تعقيداته، أوضح مما هو في سوريا بين الحليفين "الارضيين" المحتملين لواشنطن، بدأت أصوات في الغرب تدفع في اتجاه تحالف مع نظام الاسد. وفي تقدير هؤلاء أن الرئيس السوري يملك قوة قتالية موحدة وأشد فاعلية من المعارضة السورية المعتدلة. والتحالف معه يضمن عدم تعرض المقاتلات الاميركية لتهديد المضادات السورية. وعندهم أيضاً أن الاسد لا يشكل خطراً على أميركا بقدر "داعش". وثمة من يعتبره أشد قبولاً أخلاقياً، حتى إنهم يذكرون الرئيس باراك أوباما بأن الزعيمين الراحلين فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل اضطرا الى التعاون مع ستالين للانتصار على هتلر في الحرب العالمية الثانية.
المشكلة الأساسية في الحروب التي تشنها واشنطن لم تكن غالباً في العدو الذي تقاتله، بل كانت أحياناً كثيرة في شرعية الحليف الذي تقاتل من أجله. ففي ليبيا، أطاح الغرب، بما فيه واشنطن، معمر القذافي ليترك البلاد لفصائل متناحرة حولت ليبيا ساحة للاقتتال والتحارب. وفي العراق، خلع تحالف غربي نظام صدام حسين وسلم البلاد ذات التركيبة الطائفية المتنوعة، الى حفنة من المتعصبين والفاسدين الذين دفعوها الى حربين طائفيتين دمويتين في أقل من عقد. وفي الظروف الراهنة، اذا ضربت واشنطن في سوريا ومهدت الطريق للأسد لاعادة السيطرة على معاقل "داعش"، فيخشى الا يبقى السيناريوان العراقي والليبي الا نموذجاً مصغراً لما ستشهده سوريا.
لم تثبت المعارضة السورية المعتدلة قدرة على التحول بديلاً من الأسد، الا أن عجزها هذا ليس مبرراً لتحويل الاسد "صانع سلام". لعل الوقت حان لتحالف غربي يحظى بدعم عربي واسع ومشاركة ايرانية يقضي على "داعش" ويزيح الاسد رأفة بسوريا والمنطقة.


[email protected] / Twitter:@monalisaf

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم