الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

"وظيفة الدولة" تنادي الشباب المسيحي: هل يلبّي؟

المصدر: خاص- "النهار"
يارا أبي عقل
A+ A-

لطالما تميز لبنان عن محيطه العربي بتعدديته الطائفية التي أغنته ثقافيا وسياسيا. غير أن هذه التعددية، على أهميتها في رسم صورة لبنان العيش المشترك، لم تنعكس على وظائف القطاع العام بشقيه الاداري والعسكري، حيث الحضور المسيحي الى تراجع منذ ما يقارب عقدين من الزمن.


غير أن مؤسسة "لابورا" التي تعنى بتوظيف الشباب المسيحي في الادارات والمؤسسات الرسمية، لم تقف مكتوفة الايدي إزاء هذا الواقع، فأطلقت سلسلة مبادرات كان آخرها تلك التي أبصرت النور أمس تحت عنوان "الانخراط في الدولة واجب وطني"، وأعلن رئيس "لابورا" الاب طوني خضرا من خلالها عن 16000 وظيفة رسمية تنتظر من يشغلها. وهنا تبرز الاشكالية الآتية: كيف تلقف الشباب المسيحي هذه المبادرة؟
"أحب الوظيفة الرسمية"
في معرض إجابته عن هذا السؤال، رحب إيلي بو موسى (21 سنة) عبر "النهار" بفكرة الانضمام إلى القطاع العام "فأنا أحب الجمارك منذ أن بلغت سن الثامنة عشرة وأعمل على تحقيق هذا الحلم،" لافتاً إلى "أنني سأقدم امتحان مجلس الخدمة المدنية لوظيفة مراقب مساعد محاسب. لذلك، أنا أدعم "لابورا" في مسعاها".



"اثبات وجود"



من جهته، أكد جوزف خوري (20 سنة) أنه ينخرط في القطاع العام "لأبرهن أن الدولة تتسع للجميع"، مشددا لـ "النهار" على أن "الحضور المسيحي في الدولة ضرورة لأنه بمثابة فعل اثبات وجود مسيحي فاعل، خصوصاً في ظل ما يتعرض له مسيحيو المنطقة من اضطهاد".


"التوازن ضروري"


وفي السياق نفسه، أشار جوني متى (22 سنة) لـ "النهار" إلى أن "الوظيفة الرسمية ذات منافع عديدة ليس أقلها تأمين مستقبل الموظف وتعليم أولاده،" داعياً المسيحيين إلى "التوقف عن اعتبارها إهانة لمكانتهم لأنه من الضرورة بمكان تأمين التوازن الاسلامي- المسيحي في ادارات الدولة وقواها العسكرية والامنية".


"أنا مستعد"


كذلك، رحب جان عطالله، (24 سنة)، من مدينة زحلة، بفكرة الانخراط في السلك العسكري وحتى حمل السلاح. ولفت الى انه "سبق لي وان فكرت بالموضوع، لكن اهلي رفضوا الفكرة، لانهم لا يحبون قصص السلاح والقتال وما تنطوي عليه من خطر". لكن لا يزال لديه الاستعداد للانخراط بالسلك ربما "بوظيفة ادارية، بما يزيل موانع الاهل".


نداء الواجب


إلى ذلك، لا يرى شربل فرج، ( 18سنة)، والذي يتحضر للتخصص بعلم البصر بعد ان تخرج هذه السنة من المدرسة في شهادة العلوم العامة مستقبله في السلك العسكري، ولكنه يضيف "اذا ما دعا الواجب الوطني، فانا على كامل الاستعداد للانخراط". ويؤيد شربل دعوة الشباب المسيحي للانخراط بالسلك العسكري ويرى انه "في ظل التحريض طائفياً على المؤسسة العسكرية وضباطها وجنودها، اقلّ الامور دعم المؤسسة والانخراط بها". وهو ان كان يتخصص في مهنة حرة فلا مانع لديه بوظيفة مدنية في الدولة.


منظار معاكس



غير أن بعض الشباب لا يرى الامور من المنظار نفسه. فكارلا عبود(19 سنة) ترى عبر "النهار" أن " ما شهدناه من اعتصامات واضرابات لهيئة التنسيق النقابية لا يشجع على خوض غمار القطاع العام، فقد وقف موظفون، وصل بعضهم إلى نهاية مسيرته المهنية، في الشارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة"، واصفة هذه الحال بـ "الاذلال الموصوف"، لذلك "أفضّل القطاع الخاص".


"دعم ناقص"


إلى ذلك، تحجم ميرا حداد(18 سنة) عن دخول معترك القطاع العام لأن "المسيحيين، وأنا من بينهم، يخافون الدولة منذ ما بعد اتفاق الطائف وذلك بسبب افتقارهم إلى الدعم السياسي الكافي من زعمائهم على عكس أبناء الطوائف الأخرى الذين غالبا ما يوفر لهم زعماؤهم مختلف وسائل الدعم اللازم، لذا يبقى القطاع الخاص ملاذي الآمن".


الطائفية أيضا وأيضا...


من جانبه، سجّل فهد عكروش (23 سنة) ملاحظاته على الطرح نفسه لكونه "طرحاً طائفياً تضيع معه فكرة الوطن، في وقت من المفترض ان ينخرط الشباب في السلك العسكري كلبنانيين يدافعون عن الوطن وليس كمسيحيين في الجيش".
ولفت الى نقطة اساسية جرى اغفالها سائلاً: "ما هي الوظائف المتوافرة في السلك العسكري التي يتحدثون عنها؟". وقال بانه شخصياً "غير مستعد لهذه الخطوة، لانه مع احترامي ومحبتي ودعمي للمؤسسة العسكرية، فاني لم ادرس واشقى لانخرط فيها مأمورا او مفتشا. اريد وظيفة في الدولة على قدر علمي، حيث يمكن ان اخدم بافضل ما يمكنني"، منتقدا طرح ان يكون "الانخراط بالعسكر كوظيفة لتأمين المستقبل فقط". وخلص الى انه "اذا كان قلب "جمعية لابورا" على المسيحيين، فيجدر بداية ان تفتح المؤسسات التربوية والجامعية المسيحية ابواب العلم للشباب المسيحي لتفسح له مجالات اوسع للانخراط في الوظائف العامة. لانه اذا لم يتعلم الشباب، فما هو معيار توظيفه في الدولة؟ المعيار الطائفي فقط؟ هذه لا اقبلها على نفسي".


"الوضع المسيحي تغيّر"


على خط آخر، يفرض السؤال الآتي نفسه على بساط البحث: كيف ستواكب الأحزاب المسيحية تحرّك "لابورا"؟
يجيب عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب فريد الخازن، فيؤكد لـ "النهار" "أننا ندعم كل مبادرات "لابورا" منذ إنشائها، ونشجع محازبينا على شَغْل الوظائف الرسمية. ذلك أن الوضع المسيحي تغيّر اليوم بعدما مررنا بفترة شهدت "ابتعادا" مسيحيا عن الدولة بسبب استهداف مبرمج وقعوا ضحيته"، مشددا على "أننا سنوفر لهم اليوم كل الدعم اللازم."


"الدولة لنا ولهم"


بدوره، أكد عضو كتلة الكتائب النائب سامر سعادة لـ"النهار" دعم الحزب لهذه المبادرة لـ"كونها تصب في إطار توعية المسيحيين على أن "الدولة لنا ولهم"، ناهيك عن أنها في حاجة إلى الكفاءات الموجودة في مجتمعنا المسيحي، من هنا ضرورة الاستجابة لدعوات "لابورا" المتكررة".


"دعم الدولة قولا و فعلا"



كذلك، لفت عضو كتلة القوات اللبنانية النائب شانت جنجانيان إلى أن "مبادرة "لابورا" تندرج في سياق تأكيد دعم الدولة والشرعية"،مشيراً لـ "النهار" إلى"أننا نقوم بدورنا كمسؤولين، بدعوة الشباب إلى الانخراط في مؤسسات الدولة، لأنه شكل من أشكال دعم الدولة فعلا، وليس فقط بالشعارات. ونبّه إلى أن "هذا لا يعفي الدولة من دورها في اقناع الشباب بالانضمام اليها من خلال الاعلانات وشاشات التلفزة، مستفيدة من الغطاء السياسي الذي نوفره لمؤسساتها".


"مبادرة في مكانها"


وفي سياق متصل، أكد الامين العام لحزب الوطنين الاحرار الدكتور الياس أبو عاصي أن "مبادرة الاب خضرا في مكانها، معتبراً عبر "النهار" أنها ضرورية للحفاظ على التوازن الاسلامي - المسيحي في الادارة"، وداعياً إلى "تكثيف حملات التوعية في هذا الاطار، وخصوصا تلك التي تتوجه إلى الشباب اللبناني لحثهم على الانتساب إلى القطاع العام". وختم مشدداً على أننا "لن نيأس أبدا".
إذا، على قاعدة "ما أضيق العيش لولا فسحة الامل"، تستمر محاولات الدفع بالشباب المسيحي إلى إدارات الدولة وأسلاكها ومؤسساتها، فهل يلبون النداء ؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم