الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

التمديد بعد الرئاسة لا قبلَها

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

لا يستطيع لبنان أن يكون كما يحبّ ويشتهي، ولا أن يعمل حاله غير معنيّ بالحروب والتطوّرات التي تجتاح سوريا والعراق وليبيا واليمن، ولا بطموحات السيطرة والهيمنة التي تدغدها كما يدغدغ الطموح الرئاسي بعض الشخصيات اللبنانية.
وليس في إمكان هذا اللبنان المؤلَّّف من ثماني عشرة طائفة أن يغادر المنطقة العربيّة إلى جغرافيا أخرى مختلفة، وعلى غرار ما تحاول بعض طوائفه "تحقيقه" وهميّاً في لجوئها إلى دول الانتشار.
ولدتما معاً، وتظلاّن معاً في السرّاء والضرّاء، وتموتان معاً على يد القضاء والقدَر أو على يد "داعش" من الدواعش المتكاثرة الانتشار في هذه المرحلة. وفي الاضطرابات والكوارث والمآسي كما في الاستقرار والازدهار والطَقْش والفَقْش والنارجيلة المعسَّلة.
صحيح أن "الشقيق" الصغير له في كل عرس عربي قرصٌ وحصّة مبحبحة، كما هو الحال في هذه المرحلة، وحيث يتعرّض لغزوات تستهدف تركيبته ونظامه وصيغته من كل حدب وصوب، إلا أن ذلك كلّه يدخل في خانة "ضريبة الأخوّة"، أو "الخوّة الأخويّة". وهذا من تحصيل الحاصل.
فلبنان واللبنانيّون يندهون الصوت الأوّل على الأشقاء العرب، ويستعينون بمال بعض الأشقاء مثلما يستثمرون اختصاصاتهم وأهليّاتهم وإمكاناتهم في مصانع وَوُرش معظم دول الخليج العربي:
إذاً، ليس في السرّاء فقط، بل في الضرّاء أيضاً:
الحرب السوريّة حصّته منها محفوظة ومبحبحة، ويدفع "خوّتها" الحربيّة عبْر استقبال ما ينوف عن المليون ونصف المليون لاجئ، فضلاً عن اختراق دائم وكثيف للحدود والبلدات القريبة منها.
الحرب العراقيّة أيضاً له فيها حصة محفوظة مع مؤشّرات تُشيع القلق على المصير. أما عن النكبة الفلسطينيّة وفواتيرها العالية الكلفة، فحدِّث ولا حرج. ومنذ نيّف ونصف قرن، والخير لقدّام.
كذلك الأمر بالنسبة إلى إيران وطموحاتها النوويّة وتطلّعاتها التوسعيّة، مع رغبة غير مكتومة في فرض نفوذها وزعامتها على بعض المنطقة وبعض دولها، ولو بأساليب لا تختلف عن أسلوب "فرض الخوّة" بكثير من الوضوح و"الشفافيّة". مع علم اللبنانيّين أن لبنانهم في رأس اللائحة.
لهذه الأسباب والعوامل مجتمعة يبدو البلد الصغير في هذه المرحلة فاقداً توازنه و"تواجده"، وأقرب ما يكون إلى شخص محبوس في قفص انفرادي بتهمة غير واضحة، ولمدّة غير محدّدة، ومُستهدف من أشخاص غير مرئيّين... ومن تنظيمات متطرِّفة وتكفيريّة لا حصر لها ولأماكن "تواجدها"...
هنا يدخل موضوع التمديد لمجلس النواب كمادة إضافيّة، مما يشكّل مناسبة لإعادة التذكير بعدم الإقدام على هذه الخطوة التي لا بدّ منها، على ما يبدو، إلا بعد إتمام الفرحة بانتخاب رئيس جمهوريّة، وعودة دورة الحياة إلى طبيعتها... وعودة الدولة اللبنانيّة من المنفى، أو الإقامة الجبريّة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم