السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

قصة وزيري خارجية

هشام ملحم
هشام ملحم
A+ A-

يتعرض وزير الخارجية الاميركي جون كيري لحملة سياسية - اعلامية اسرائيلية غير معهودة ربما منذ المواجهة المشهورة بين وزير الخارجية سابقا جيمس بايكر وحكومة اسحق شامير في حزيران 1990 حين انتقد بايكر تصلب شامير ورفضه مبادرة اميركية لاحياء المفاوضات مع الفلسطينيين وخاطبه في جلسة علنية في الكونغرس: "عندما تصير جديا في هذا الشأن اتصل بنا" بعد ان أعطاه الرقم الرئيسي للبيت الابيض. طبعا هناك فوارق رئيسية بين الحادثين، ابرزها شخصية بايكر القوية وعلاقته الوثيقة جدا بالرئيس جورج بوش الاب آنذاك وايمانهما القوي بان ما كانا يفعلانه يخدم مصلحة الامن القومي الاميركي في الدرجة الاولى.


كيري ذو نيات حسنة وقد بذل جهودا مضنية لاحياء مفاوضات السلام، لكنه أخفق لان بنيامين نتنياهو رفض وقف الاستيطان واطلاق الاسرى الفلسطينيين، وهذا ما أوحى به كيري وما قاله مساعده مارتن انديك. جورج بوش لم يتورع عن انتقاد اسرائيل وقوى الضغط الاميركية التي تدعمها علنا. باراك اوباما على رغم نياته الحسنة، أثبت مرارا انه غير مستعد لمواجهات مباشرة مع نتنياهو، وتراجعه في موضوع وقف الاستيطان الاسرائيلي في ولايته الاولى يؤكد ذلك.
في الايام الاخيرة، سرب المسؤولون الاسرائيليون الى صحافتهم انتقادات شنيعة لكيري منها ان ديبلوماسيته لوقف النار كانت بمثابة "هجوم ارهابي استراتيجي" على اسرائيل، كما حمّله مسؤول آخر المسؤولية عن سفك دم الاسرائيليين في القتال الراهن. ودافع اوباما ومستشارته لشؤون الامن القومي سوزان رايس وغيرهما من المسؤولين عن كيري، وأوباما فعل ذلك في مكالمة هاتفية مع نتنياهو الاحد قيل انها اتسمت ببعض الحدة.
اللافت هو انه في كل تصريح لمسؤول اميركي، يبدأ هؤلاء بذلك الطقس الممجوج عن التزامهم القوي لاسرائيل وتفوقها وتعلقهم بها وبمركزها الاخلاقي المتفوق، وكأن اسرائيل هي القوة العظمى واميركا هي الدولة الصغيرة التي تحتاج اليها.
كلنا نعرف ان كيري انتقد، لا بل سخر من ادعاء اسرائيل انها تستخدم القوة بدقة تامة لتفادي الخسائر بين المدنيين، كما نعرف موقفه ضد استمرار الاستيطان الاسرائيلي وايمانه بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة قابلة للحياة. وكان من المؤلم مشاهدة كيري الثلثاء وهو يقدم الولاء العلني لاسرائيل بطريقة مبالغ فيها وفجة ومهينة لسياسي مخضرم. وبعد تأييده لاسرائيل في ضربها قدرات حماس العسكرية وتدمير الانفاق "والدفاع عن نفسها" وضرورة نزع سلاح "حماس"، أيد المبادرة المصرية، واضاف: "لا احد يضاهيني بصداقتي وتعلقي بحماية اسرائيل". بين الحادثين 24 سنة، ولكن الفارق الاساسي بينهما هو طبيعة القيادة الاميركية بين اليوم والامس. مشكلة اوباما هي ان اصدقاءه لا يحترمونه، وخصومه لا يخافونه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم