الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

فرنسا تخرق الصمت: مسيحيو العراق آخر "شعوب البواخر"؟

موناليزا فريحة
موناليزا فريحة
A+ A-

التزاما منها تقليدا قطعته على نفسها منذ أيام الملك فرنسوا الاول لحماية مسيحيي الشرق، أبدت باريس استعدادها لاستقبال مسيحيي العراق الهاربين من الموت أو العبودية اللتين خيرهما بينهما تنظيم "الدولة الاسلامية"، فهل يصير مسيحيو بلاد ما بين النهرين آخر "شعوب البواخر" ؟


منذ 2004، يعاني مسيحيو العراق وضعا صعباً. فزيادة الاستقطاب المذهبي في البلاد حولهم ضحايا جانبية في نزاع دموي ودفع الكثيرين منهم الى الرحيل، الامر الذي قلص عددهم من مليون نسمة تقريبا إلى نحو 300 الف.الا أنه منذ العاشر من حزيران الماضي، اكتسب الخطر المحدق بهم بعدا جديدا وصاروا هدفا واضحاً ل "الدولة الاسلامية" الساعية الى اقتلاع تاريخ عمره 2000 سنة. ففي الموصل التي تضم أكثر من 20 كنيسة وحيث ولدت المسيحية في العراق، كما في نينوى، لم يعودوا شعبا مرغوبا فيه بعد التمدد الاسلامي المفاجئ,وبدءا من 17 تموز، بدأوا يطردون عنوة بعد وضع علامات ورموز على منازلهم، فيما اقترح عليهم المحتلون الجدد مجموعة من الخيارات القاسية، والتي تتمثل في اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية، أو الموت.


مساعدة انسانية



وفي ظل شلل دولي مريب حيال الاضطهاد الذي يتعرض له مسيحيو الموصل خصوصا، ايّدت باريس في بيان مشترك لوزيري الداخلية برنار كازونوف والخارجية لوران فابيوس استضافة مسيحيي العراق، وسط ضغوط مارستها أوساط كاثوليكية ويمينية حساسة حيال هذا الموضوع، الا أن هذه المبادرة أثارت مخاوف من أن تعتبر اذعانا للتنظيم الجهادي وتشجعه على زيادة العنف حيال مسيحيي العراق والمنطقة كلها.
كان الوزيران واضحين في أن باريس توجه رسالة الى مسيحيي العراق مفادها أنها مستعدة لمساعدتهم عند تعرضهم للاضطهاد.هذا بينما، توجهت بعثة من الكنيسة الكاثوليكية الى العراق في زيارة من ثلاثة ايام برئاسة الكاردينال فيليب بارباران لتشجيع المسيحيين هناك على البقاء في أرضهم.وتفقدت البعثة الاف العائلات التي لجأت الى كردستان هربا من الموت المحتوم.
حتى الان، لا اجراءات محددة لاستقبال المسيحيين العراقيين.ففيما يشير بيان الوزيرين الى "مساعدة انسانية استثنائية"، لا يحدد اي اطار واضح.
وتنقل صحيفة "الموند" عن وزارة الداخلية "أنها مجرد رسالة وسنرى لاحقا كيف يتطور ذلك"، علما أنها ليست المرة الاولى في السنوات الاخيرة تعلن باريس مثل هذه المبادرة، وإن تكن أعادت الى الاذهان البواخر التي أرسلتها دول غربية الى لبنان خلال الحرب الاهلية لاجلاء المسيحيين.
فخلال ولاية الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، حصلت نحو الف عائلة عراقية مسيحية على اللجوء في فرنسا بمبادرة من وزير الخارجية في حينه برنار كوشنير.وعام 2010، تمكن 150 عراقيا من المجيء الى فرنسا ،بمبادرة من وزير الهجرة في حينه اريك بيسون.
بالنسبة الى منظمة "فرنسا أرض المنفى" بيار هنري، يمكن تكرار التجربة حاليا، الا أنه لا يرى حتى الان جهازا قادرا على تنفيذ مبادرة كازنوف-فابيوس. ومع ذلك، يعتبر أنه يمكن مبادرة كهذه تعبئة القنصليات الفرنسية لتسهيل منح تأشيرات خاصة. كذلك، يمكن أن تعتبر اشارة الى مسيحيي العراق أنه يمكنهم المجيء الى فرنسا بوسائلهم الخاصة، على أن تتولى السلطات تسهيل حصولهم على اللجوء.
وفي المقابل، يحذر أنطوني يالاب ،رئيس لجنة دعم مسيحيي العراق،وهي لجنة أنشئت حديثا،من أن اعلان الوزيرين قد يكون سيفا ذا حدين "فمن جهة نرحب بهذه المبادرة التي تخرق الصمت، ولكننا لا نريد أن تبقى نداء فارغاً وتتحول أداة للاسلاميين" لزيادة العنف حيال المسحيين.
وعلى الارض، خرجت في الايام الاخيرة بعض التظاهرات التي بقيت خجولة، بهدف حشد الدعم لمسيحيي العراق.ففي 20 تموز، نظمت لجنة دعم مسيحيي العراق اعتصاما أمام بعض مقار التلفزيون الفرنسي للتنديد بالحيز الواسع الذي تحظى به الحرب الاسرائيلية على غزة، مقارنة بالضحايا المسيحيين الذين يسقطون على يد الاسلاميين .
وفي المقابل، خرج من يحذر استغلال اليمين المتطرف ما يحصل ضد مسيحيي العراق لشيطنة المسلمين. وفي هذا الشأن، تنقل صحيفة "الموند" عن المستشار الاقليمي لمنطقة ايل دو فرنس باتريك كرم الذي ينتمي الى الاتحاد من أجل حركة شعبية ، وهو ماروني لبناني الاصل، أن "هناك خطرا حقيقيا من استغلال القضية... باظهار الاضطهاد للمسيحيين، يشيطن اليمين المتطرف المسلمين".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم