الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

السيسي بين ناري غزة وليبيا

سميح صعب
سميح صعب
A+ A-

باستثناء التحذير من قيام دولة كردية في شمال العراق ومن التذكير بالخطر المتدحرج للجماعات الجهادية في المنطقة، لم يخرج الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بموقف واضح مما يجري في ليبيا أو في غزة، على رغم اطلاقه مبادرة لوقف النار أيدتها اسرائيل ورفضتها "حماس" مطالبة بادخال تعديلات عليها كي تتلاءم ومواقف الحركة.


من المعروف ان ليبيا بعد سقوط معمر القذافي في 2011 تحولت دولة فاشلة تعيث فيها الميليشيات القبلية فساداً بينما تبخرت الدولة المركزية بكل مؤسساتها الامنية والادارية. وباتت ليبيا مصدر قلق لكل الدول المجاورة لها نظراً الى السلاح الذي يسرّب من مخازن النظام السابق والذي يباع من الحركات الجهادية في المنطقة. وأظهر الهجوم على موقع عسكري مصري في الفرافرة في 20 تموز انتقال الارهاب في مصر من الصحراء الشرقية الى الغربية.
لكن حال الفوضى في ليبيا تشكل تحدياً كبيراً لمصر التي لا يمكن إلا ان تتأثر بحال الفلتان الامني والسياسي التي تعيشها جارتها الغربية. لذلك لا يستطيع السيسي، على رغم انشغالاته الامنية والاقتصادية في الداخل المصري، ألا يتبع سياسة أكثر نشاطاً لانتشال ليبيا من الفوضى استناداً الى قاعدة ان امن ليبيا من أمن مصر وان ما يجري في هذه الدولة لا بد أن يترك تأثيره على تلك.
لكن غزة تبقى الامتحان الاصعب لدولة كمصر تطمح الى استعادة دور اقليمي مفقود. ولن يكون في امكانها استعادة هذا الدور من غير ان تكون أكثر انخراطاً في القضية الفلسطينية. صحيح ان معاهدة كمب ديفيد أخرجت مصر من الصراع العربي - الاسرائيلي، لكن ابتعاد القاهرة عن الصراع العربي - الاسرائيلي لم يوفر لها الرخاء الموعود نتيجة توقيع معاهدة السلام، فخسرت مصر دورها الاقليمي ولم تربح الازدهار الاقتصادي.
إن أمام السيسي فرصة اليوم لاستعادة الدور المصري الاقليمي عبر سياسة اكثر نشاطاً في القضية الفلسطينية والقفز فوق الخصومة مع حركة "حماس" لأن ما يجري في غزة يعني الفلسطينيين كافة ولا يخص "حماس" وحدها أو أي فصيل فلسطيني بعينه.
إن مصر لا يمكن ان تكتفي بدور من بعيد في تقرير مسألة تجري عند حدودها. فالحريق ليس بعيداً وغزة تقع في صلب الامن القومي المصري. وبذلك لا يمكن السيسي ان يعيد الى مصر دورها وألقها الاقليمي الا باتباعه سياسة ناشطة في الدول المجاورة التي تشهد اضطرابات أمنية وسياسية. ولا يمكن مصر بعد اليوم ان تعتبر نفسها غير معنية بما يجري في محيطها. مثل هذه السياسة ثبت خطؤها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم