الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مطلوب من القيادات المارونية

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

في غابر الأزمنة، يوم كان لبنان حديقة العرب والعروبة ومنبر الدفاع عن الوطن السليب وقضيّة العرب الأولى، قيل بكل الأصوات واللغات إن مجد لبنان أُعطي لبكركي. أي للموارنة الذين أُعطوا في الوقت نفسه مُلكاً لم يُحسنوا قيادته. ولم يَبكوه. ولم تكن الأميرة عائشة الحرّة حاضرة لتكرّر على مسامعهم ما قالته لابنها عبدالله الصغير حين وجَدته يبكي بعد ضَياع غرناطة آخر معالم الأندلس.


قالت له في تلك اللحظة التي تكاد تحضر الآن بكل وطأتها وفداحتها: ابكِ كالنساء مُلكاً مُضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال.
ولكانت قالت للموارنة الذين لا يزال بعض متزعّميهم ومتقدّميهم في هذه الفترة الرديئة يصرّون على إضاعة أوهام المجد وأوهام الوجود وأوهام التقدّم، سواء في رئاسة الدولة التي يقرّر الآخرون مَنْ يجلس في كرسيها، أم بالنسبة إلى الدور المسيحي بكل طوائفه، وحجم تأثير هذه "المجموعة" التي كان الموارنة يحسبونها كزيادة عدد لدوام العزّ والمجد، لا أكثر ولا أقل.
ليس المطلوب اليوم محاسبة الموارنة، أو المرجعيّات المارونية من روحيّة وسياسيّة، ولا هذا الأمر في الوارد. إنما المطلوب هو تذكير أصحاب الكلمة المسموعة اليوم بأن ما لقيته البقية الباقية من مسيحيي الموصل من "ترحيب" و"تأهيل"، و"تحبّب" من أهل "داعش" يستحقّ وقفة تأمّل وتبصّر وتفكّر... قبل الإعلان بالفم الملآن "أنا أو لا أحد". أنا رئيس الجمهورية أو لا رئيس ولا جمهوريّة.
وكلامٌ بهذه المسؤوليّة وهذه الإيجابيّة، فيما الوطن المفكّك قاب قوسين أو أدنى من مصير غرناطة عبدالله الصغير، لا يجوز أن يمرّ ويتكرّر قولاً وفعلاً من غير أن يقول الموارنة كلمة، أو يصدر عن بكركي ما يجعلنا لا نتحسّر كثيراً على الأميرة عائشة الحرّة.
نعلم جميعنا أن الصراع على رئاسة الجمهورية، كمنصب ومركز قرار وسلطة، يعود إلى بدايات الأربعينات، وتحديداً في عهد الشيخ بشارة الخوري وعهد خصمه اللدود إميل إده.
وتقول لنا المعلومات المرصّعة بالوقائع في كتاب "مَن يصنع الرئيس"، وما تتحدّث عنه المخطوطات و"الشهود" الذين رافقوا تلك المراحل، إنّ "الاستقتال" على الرئاسة الأولى لم يهدأ، ولم يأخذ هدنة حتى خلال حروب الآخرين، الداخل والخارج، والمستمرة حتى اللحظة. وحتى الغد وما بعده وما بعد العهد الذي سيأتي... إذا ما "بقي" كل شيء على حاله.
هذا جانب من عوامل المأساة والتراجيديا اللبنانية، كون المجال لا يسمح لطرح "مساهمات" الطوائف الأخرى، والبصمات التي تركتها على جدران ذلك اللبنان الذي كان، وعلى دوره كحديقة للمنطقة، وكجسر صالح للعبور الآمن بين الشرق والغرب.
أما عن الدور الإسرائيلي المليء بالأحقاد والإجرام، فاجتياح صيف 1982 لا يحتاج إلى شرح يطول...
المهم الآن، في هذه الساعة المصيرية، مطلوب من القيادات المارونية، لتوفير الأجواء التي تسهل عملية ملء الفراغ الرئاسي، قبل أن ننده على الأميرة عائشة لتحضر على جناح السرعة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم