الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

نشرة "فلسطين لست وحدك"... توحيد البث وانقسام في الآراء!

A+ A-

في تمام الساعة الثامنة والعشر دقائق، توحّد البث... بدأت النشرة المنتظرة دعمًا لفلسطين بعنوان "فلسطين لست وحدك".
انطلقت النشرة من استوديو تلفزيون لبنان لتلحق بها لاحقًا باقي القنوات في نشرة بلغت مدتها ثلاثين دقيقة.
تأنقت المذيعات، وبدا الأمر وكأنه سباق في الالقاء والخطابة بينهن... فالمنافسة بدت واضحة كلما انتقلت الكاميرا أو البث من استوديو الى آخر. ومع انطلاق النشرة، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر" و"فايسبوك" حول هذه المبادرة التي اجتمع اللبنانيون لمتابعتها. بدأت التعليقات، ولكن كان واضحاً غياب الفنانين والممثلين عن ابداء أي رأي حول ما شاهدناه على المحطات، ربما لانشغال البعض منهم في الاحتفال بنجاح المسلسلات الرمضانية، باستثناء قلة قليلة فالفنانة اليسا غردت عبر حسابها على موقع "تويتر" قبل انطلاق النشرة قائلةً: "عمتم مساءً يا حكامنا العرب وصانعي القرار على كلّ الدعم. أحلامٌ سعيدة".
في حين غرّد الفنان ميشال الفتريادس منتقدًا إطلالة مذيعة قناة الـ "أم تي في" ديانا فاخوري عبر قناة المنار قائلاً: "لم تكتمل فرحتنا! كان بدها اطلالة لدنيز فخري-رحمة-طوق-سكّر-جعجع على شاشة المنار!".
أمّا الاعلاميون فكانوا أكثر من تفاعل وعلّق على هذه النشرة، وكان واضحًا حماسة نائب رئيس مجلس ادارة تلفزيون الجديد كرمى خياط التي غردت متسائلةً: "السياسيون ما انفكوا يلومون الإعلام ويتهمونه بالتحريض... لقد اجتمع الإعلام من أجل غزة... فمتى هم سيجتمعون؟" .
أمّا مديرة الاخبار في التلفزيون عينه مريم البسام فامتلأت صفحتها بعبارات الدعم لهذه المبادرة التي أتت على قدر الآمال والتوقعات واصفةً اياها بـ "لحظات اعلامية صادقة وبطعم الأرض الطيبة".


وفي حديث خاص لـ "النهار" أكدت مديرة العمليات في قسم الأخبار في المؤسسة اللبنانية للارسال لارا زلعوم أن "ردة الفعل على هذه المبادرة أتت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل سريع وكانت بأكثريتها الساحقة داعمةً للمبادرة ومهنّئة ومطالبةً بضرورة اتفاق المحطات اللبنانية على مواضيع محلية تمس المواطن اللبناني. فالفلسطيني المتابع لهذه النشرة قد اعتبرها ممتازة لأنه رأى فيها اهتماماً لبنانياً بوجعه. أمّا اللبناني فاعتبرها رسالة أمل وكان الأمر جلياً من خلال الهاشتاغ LB4GAZA الذي تم اطلاقه دعمًا لغزة".
وردًا على سؤال عن أحقية القضايا اللبنانية بهكذا مبادرة أو حتى أحداث سوريا، أكدت زلعوم أن "هذه المبادرة لم تنبع من المحطات التلفزيونية بل أتى الطرح من صاحب جريدة السفير طلال سلمان ومن تابع النشرة يتأكد أن ما جاء فيها ليس آنياً، بل تم استعراض خلال نصف ساعة من الوقت مآسي شعب ومعظم التقارير تحدثت عن الشق الانساني للقضية الفلسطينية".
وأضافت زلعوم "أن تطبيق الفكرة كان سريعًا، فاجتمعنا لأول مرة يوم الأربعاء لنبث النشرة يوم الاثنين. اتفقنا في الاجتماع الأول على المبدأ لننطلق لاحقًا الى توزيع العمل، فلم يكن هناك عوائق في التنفيذ وكان واضحًا أن كل محطة حاولت المحافظة على صورتها... فكل منها صورت موضوعها ونفذته دون أي تدخل من باقي المحطات".
وعن أي مشروع مستقبلي مشابه، اكدت زلعوم أنه "اعتباراً من الأمس بدأوا بطرح الموضوع وطالما نجحنا بأول مبادرة لا بد أن ننجح بغيرها، ومن غير الضروري أن تكون القضية سياسية ولكن المهم أن تمسّ بكل لبناني وبحياته اليومية".
من جهته، اعتبر مدير الأخبار والبرامج السياسية في قناة الـ "أم تي في" غياث يزبك في حديث خاص الى موقع "النهار" أن "ردة الفعل على المبادرة أتت إيجابية على مجمل التنوع اللبناني والانقسام الداخلي بينه، والصدى الأكبر كان عربيًا اذ اعتبروا أن هذه المبادرة لا بد أن تتكرر على مساحة العالم العربي أجمع".
أمّا على الصعيد اللبناني، فلم يغب أثر الانقسام السياسي عن هذه المبادرة، وبحسب يزبك فإن "جزءاً من اللبنانيين اعتبر أن في الأمر انجاز أثبت قوتهم، في حين أن البعض الآخر تحدث عن ضرورة ايجاد تضامن إعلامي مع قضايا لبنانية، خصوصاً وأن لبنان على شفير حرب وهو يعيش اليوم على فوهة بركان".
وعن رأيه حول توصيف البعض للمبادرة بأنها انتصار للفريق المقاوم، أكد يزبك أن "الـ "أم تي في" محطة مستقلة لا تتبع أي اصطفاف سياسي وهي محطة داعمة لنصرة الشعب الفلسطيني بشكل تام في وجه العدو الاسرائيلي، إذًا دعم غزة ليس محطّ جدال. وأكد انه لا يعتبر نفسه كمسؤول عن الاخبار في خانة 14 آذار ولكن هذا الامر لا ينفي دعمه للقضية الانسانية في سوريا ودعم مفهوم الدولة الحرة في لبنان.
واشار يزبك الى أن المحطات الاعلامية مطالبة اليوم وسريعًا التضامن حول القضية اللبنانية لأن لبنان في خطر، ولكن هذا الأمر مستبعد وصعب خصوصاً وأن بعض المحطات تعاني من اصطفاف سياسي حاد ولها أذرع عسكرية ووجودها يتعارض مع وجود الدولة، لذا من الصعب أن تفصل بين السياسة ومطالب اللبنانيين ببناء الدولة، خصوصاً وأن هذا النمط من التفكير وحرية الحركة الموجودة في الـ "أم تي في" غير موجودة في باقي وسائل الاعلام".
هذا وقد صرحت نائب رئيس مجلس إدارة قناة الجديد كرمى خياط الى موقع "النهار" بأن "معظم ردود الفعل أتت إيجابية مع وجود بعض الملاحظات ولكن التجربة بحد ذاتها كانت ايجابية بالرسالة التي حملتها للفلسطينيين وبالرسالة الداخلية بأن الاعلام اللبناني قادر على الاتفاق على قضية داخلية على الرغم من أن بعض وسائل الاعلام لديها انتماء حزبي الأمر الذي يزيد في الاختلاف على وجهات النظر. ولكن هناك بحث جدي بخطوة مستقبلية، على الأقل للاعلام المدني أو الاعلام غير الحزبي للتوحد حول أي قضية لبنانية وكسر الحواجز لايصال الصوت فيما يتعلق بمشاكل المجتمع اللبناني". وأضافت خياط أن "أي خطوة مشابهة لا تعني أن التلفزيونات اللبنانية ستصبح محطة واحدة ولكن بإمكاننا أن نتحول الى أداة ضغط على السياسيين لنصبح مجتمعاً أفضل.
وفي ما يتعلق بنشرة التضامن مع غزة، أكدت خياط أن الاجراءات تطلبت جهدًا من المحطات خصوصاً لناحية مراعاة باقي المحطات من خلال التقارير المعدة وكان الهدف أن تستطيع كل محطة بأسلوبها إيصال رسالة دعم لغزة مع تقبلنا بأن كل شيء سيبث عبر هوانا.. ومثلاً، لم يكن من السهل على المنار تقبل فكرة بثها لمذيعات غير محجبات ولكنها أخذت القرار ووافقت مع التمني على باقي المحطات أن يكون اللبس لائقاً ومراعاة خصوصية المنار. هذا وقد استطاعت هذه النشرة أن تبتعد عن السياسة وتتحدث فقط عن مأساة الشعب الفلسطيني".
هذا وقد اعتبرت خياط أن "معظم النقد الذي تعرضت له هذه المبادرة كان نقداً ايجابياً أي بناء على الرغم من بعض النقد العنصري الذي لا يليق بإعلاميين محترمين، مشيرة الى
أن هدف هذه المبادرة قد تحقق، إن على الصعيد الداخلي، إذ الرسالة وصلت للسياسيين بأن الاعلام لا يؤدي دورًا سلبيًا كما تتدعون، أو على الصعيد الفلسطيني وعلى الصعيد العالمي".
وقد كشفت خياط عن سعي حول إمكان التحضير لعمل يتعلق بلبنان يهدف الى توصيل رسالة الى السياسيين للضغط عليهم لمصلحة البلد.
وعودة لما كُتب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كتب الإعلامي نديم قطيش في صفحته الخاصة بفايسبوك التعليق التالي: "مهزلة النشرة الإخبارية الموحدة انتصار جديد لعهر الممانعة وهزيمة للشجاعة الليبرالية النقدية المفقودة. كارلوس وطلال سلمان حتة واحدة! حتة واحدة يا ماما! كارولس وطلال سلمان!!
ملايين القتلى والمهجرين السوريين لم يحظوا بخبر موحد واحد وليس بنشرة.
الليلة شيء من الحزن، شيء من القرف والكثير من اغتيال العقل والاختلاف، مجدداً باسم فلسطين". هذا التعليق لقطيش لاقى من جهة ترحيبًا من عدد كبير من داعمي الثورة السورية، ومن جهة أخرى نقدًا لاذعًا من جمهور المقاومة، حتى إن الاعلامية مريم البسام قد كتبت تغريدة ردًا على قطيش قائلةً: "نديم قطيش، بكرا بتتحمس بس الكنيست يعمل حملة للتضامن مع الجنود الاسرائليين .. جايي الوقت ما عاد كتير، تحملنا شوي".
أمّا الإعلامية مي شدياق فقد انتقدت بدورها النشرة الموحدة معتبرةً إياها حفلة فلكلور لبنانية بامتياز ومحاولة للكذب والخداع وتسطيح الأمور.
هذا وقد وصف مراسل قناة الـ"أو تي في" جاد أبو جودة المبادرة بـ"السطلنة" على الرغم من حماسه لقضية فلسطين.
أمّا الإعلامي في المؤسسة اللبنانية للارسال بسام أبو زيد فاعتبر أنه مع نشرة أخبار موحدة للتضامن مع مسيحيي الموصل.


من جهةٍ أخرى، وبعيدًا من الآراء السياسية المنقسمة حول هذه المبادرة التي كان الهدف منها توحيد الرأي، لم تغب الفكاهة عن تعليقات اللبنانيين والإعلاميين الذين شاركوهم في هذه الآراء التي تحدثت عن إطلالة ديانا فاخوري ومنير الحافي على قناة المنار.
في حين تساءل عدد كبير من البنانيين عبر حساباتهم في "تويتر" و"فايسبوك" عن سبب عدم توحد هذه القنوات في قضايا تمسّ المواطن اللبناني من أحداث طرابلس وصيدا والبقاع والضاحية مرورًا بحاجات المواطن اليومية والفساد المستشري في البلد.


إذًا، "فلسطين لست وحدك"، مبادرة قد تكون أصابت في ايصال الصوت ورفعه عاليًا دعمًا للقضية ولاطفال غزة، ولكنها ربما فشلت في توحيد صوت اللبنانيين – اعلاميين وفنانين - الذين اعتبروا في هذه "المسرحية" انتصاراً لفريق على آخر.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم