الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لو كنت فلسطينياً

امين قمورية
A+ A-

لو كنت فلسطينيا لانكرت اصولي العربية وحطمت كل شواهد الحضارة العربية في ما تيسر لي الوصول اليه من ارضي المحتلة. لكني لست قادرا على ابدال دمي ونكران ذاتي والاصل لان كل حجر في فلسطين ينطق تاريخا عربيا، ولان كل حبة تراب من ارضها مجبولة بدم غزير سال ويسيل من زمان وبلا توقف من اجل هذه العروبة.


اخبرني العرب ان القضية التي حملت اسم وطني السائب واسم شعبي، هي قضيتهم جميعا، وانها اغلى عندهم من اوطانهم وابنائهم، ومن اجلها ينبغي بذل كل التضحيات. لا انكر تضحيات عرب كثيرين من اجل ما سموه حبيبتهم ونظموا من اجلها القصائد وانشدوا الاغاني. ولكن عندما اراهم اليوم كيف يمارسون هذا العشق، يزداد احباطي ويصيبني الوهن. باسم فلسطين لايزالون يشيدون ديكتاتوريات وانظمة تستمتع بقمع شعوبها. باسم القضية حولوا المدارس سجونا. وباسم "استرجاع الحق" صودرت كل الحقوق. من اجل "اعادة المنفيين الى ديارهم" صار حصار "الاخوة" اشد مرارة من جور المحتل وحصاره. واليوم آخر رمق من المشروع الوطني الفلسطيني تحاول اسرائيل وأده في غزة، وهم يتفننون بالنكاية السياسية ويتمنون ضمنا قضاء مبرما على القضية وحذفا نهائيا لها من القواميس اللغوية.
لو كنت فلسطينيا، لما غفل عني ان حال اترابي في الدول العربية ليست افضل من حالي. انظر الى حال السوريين اشعر بوجع في القلب. اسمع اخبار العراق ينتابني الفزع. تردني الانباء عن تهجير المسيحيين في الموصل اتذكر نكبتي واتحسس
معاناة اهلي عندما طردوا من ارض اجدادهم. لكني كنت ساحزن حينما تخلو شوارع بيروت وبغداد والقاهرة من التضامن الذي نريده فقط لاغير.
لو كنت فلسطينيا، لصرخت باعلى الصوت، لانريد صواريخكم ولاجيوشكم لان ارادة اطفالنا اشد بأسا منها. لانريد مقاومتكم ولا ممانعتكم دعوها تكمل مهمة "التحرير"و"الانتصارات" في الميادين المذهبية. لا نريد اموالكم ولا نفطكم وفروها لموائد العربدة. لانريد وساطتكم، لان الوسيط هو طرف محايد، في حين انكم تدعون انكم طرف معني بالقضية وشريك اساسي فيها. والشريك لايقدم مبادرة بل يتخذ موقفا حاسما. لو كنت فلسطينيا لما توقفت عن الضحك والبكاء معا لان شر البلية ما يضحك.
اسرائيل لم تكن لتختار هذا التوقيت لدك غزة واركاعها، لولا ادراكها لهذا العقم العربي والتشتت. هي لاتريد اعادة احتلال القطاع بل اخضاع اهله لاعتقادها ان الفرصة سانحة ولن تتكرر. بيد ان صمود اهل غزة لم يضيع فقط على "الجيش الذي لايهزم" فرصة للانتقام من نكساته المتكررة، بل كان يمكن ان يكون فرصة لمصر خصوصا، للعودة الى فلسطين، واعادة العروبة الى معناها الصحيح.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم