الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لبنان أولاً يحمينا

علي حماده
A+ A-

و الآن جاء دور غزة كي تعود كما كانت في مرحلة سابقة لعبة بين المتصارعين الاقليميين. ودخل الاسرائيلي على خط إعادة خلط الاوراق التي أربكته كثيراً منذ ان اشتعلت الثورة في سوريا، واشعرته للمرة الاولى منذ فك الاشتباك مع سوريا في تشرين الاول ١٩٧٤ بعدم الاستقرار، على قاعدة أن الديكتاتوريات العربية الضعيفة والمكروهة من شعوبها تمثل عنصر البقاء والاستقرار الاساسي لاسرائيل. واذا كانت الثورات العربية في بداياتها خلطت الاوراق، فإن المرحلة التي بلغتها منطقة الشرق الاوسط بعد اغراق الثورات بدماء الناس، وبالتحديد في سوريا، تشي بأن خيار الدم الذي اريد منه منع سقوط أنظمة ومحاور اقليمية أدى الى تفجير الكيانات، ثم الحدود، فالصراعات الطائفية والمذهبية المتخلفة، وأخيراً أتاح خيار الدم لاسرائيل اعادة خلط الاوراق فلسطينياً، حيث تعيش غزة اليوم عدواناً موصوفاً بعدما ضاع القطاع بين المشروع الايراني والعدوان الاسرائيلي، وصارت القضية الفلسطينية أكثر من قضية بين الضفة الغربية وقطاع غزة!


ليس العدوان على غزة سوى حلقة جديدة ستنتهي بمزيد من الضحايا وسيخرج منها الفلسطينيون أكثر انقساماً من ذي قبل، وستبتعد القضية اكثر من النفوس والقلوب تاركة مكانها لتنازع على السلطة.
هذا في فلسطين والمنطقة، اما نحن في لبنان فكأن البعض منا يعيش في الفضاء، ويعتبر ان لبنان المهشم، المهدد بالزوال، والمحاط بكل صنوف التهديد، يستحق حروب سلطة عبثية كالحرب التافهة الدائرة حول موقع رئاسة الجمهورية التي يخوضها بعضهم، وتحديداً المصابون بـ "الميغالومانيا" والمتوهمون بأن لبنان لا يزال لبنان ١٩٢٠، او انه بوجود تنظيم فاشيستي فئوي مثل "حزب الله" وبقوته يمكن التلهي بصراعات سخيفة على الرئاسة في بلد يدير فيه معظم الحياة مرشد يعيش ألفاً وأربعمئة عام الى الوراء.
ماذا يعني منع زعامات مارونية حصول الانتخابات الرئاسية؟ يعني بكل بساطة التمثل بالقسطنطينية المتلهية بالخلاف على "جنس الملائكة"، فيما كان العثمانيون يجتاحونها.
الى أين يقودنا هذا الكلام؟ الى القول بأن المنطقة تحترق، وأمامنا، نحن اللبنانيين، على الرغم من وجود "حزب الله" وخياراته فرصة يمكن التقاطها لمنع بلوغ الحرائق بلدنا. وأمامنا فرصة لبننة العديد من استحقاقاتنا، وبينها الرئاسي، ورفع مستوى الضغط على الجميع من أجل ضبط الحدود في الاتجاهين. والأهم اننا في هذه المرحلة القلقة والمقلقة، معنيون بتوجيه رسالة جدية حول الخيارات اللبنانية بالنسبة الى ما يجري في المحيط من غزة الى العراق، مفادها ان لبنان ليس معنياً سوى باستقراره وسلامة ابنائه أولاً وقبل اي شيء آخر.
انها مرحلة مخيفة في المنطقة ولا شيء ينقذ لبنان من نتائجها سوى التمسك بخيار "لبنان أولاً".
فهل يعي ذلك الجميع؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم