الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ألديكَ فوبيا الـSmartphone؟

المصدر: "النهار"
كلودا طانيوس
A+ A-

ما دليلٌ على الإدمان الذي يعانيه الإنسان على الهواتف الذكية إلا الذّعر الذي يصيبه عند فقدانه أو عدم قدرته على استعماله، لدرجة أنه قد بدأ الحديث عن "اضطراب الهواتف الذكية"، بما أنه تصرّفٌ نفسي غير صحي، أشبه برهابٍ فعلي أي "فوبيا"، تماماً مثل رهاب المرتفعات أو رهاب ركوب الطائرة.


  


 


كيف تحتكر الهواتف الخلوية حياتنا؟


يعود سبب احتكار الهواتف الذكية وقتَ الإنسان واهتمامَه، لخدماتها العديدة المتوافرة بما أنها تشبه جهاز كومبيوتر مصغّر، على عكس الهواتف الجوّالة العادية التي لم تكن تشكّل مادة إدمانية في فترة رواجها، جرّاء توفيرها لخدمة إجراء واستقبال المكالمات والرسائل النصية فقط، أي الخدمات الاتصالية الأساسية. أما اليوم فلا شك في أن الهواتف الذكية سهّلت حياة الإنسان من خلال سرعة التواصل، ولكنها سبّبت له أيضاً مصدرَ أرق يتبدى من خلال استعمالها في أوقاتٍ لا ضرورة لها:


- كفترة تناول الطعام مثلاً، حيث يتفقّد المدمنون هاتفهم الذكي أكثر من مرة، ويضعونه تحت منديل المائدة، كما أنهم يلتقطون عبره الصور التذكارية لدرجة أن فترة التقاط الصور تتخطى فترة تناول الطعام أحياناً، مع الإشارة إلى أن الصور لا تقوم فقط على الأشخاص بل على الأطباق والمشروبات أيضاً.


- من خلال إدخالها حتى إلى حجرة الحمام، حيث "يرتاح" المدمنون أكثر في إرسال وتلقّي الرسائل النصية، ويتمتعون بفترة من السكون لاستعمال الهاتف الذكي بسرعة من دون أي ضجة أو إزعاج.


- عندما يضعها الشخص في حضنه عند جلوسه عوضاً عن جيبه أو حقيبته، فيضيئها متفقّداً الساعة، مع العلم أنه يكون حاملاً ساعة في يده، ويقوم بتفقدها دَوماً وعرضها أمام المحيطين به، خصوصاً الهواتف الذكية الجديدة، المتوافرة مؤخّراً في الأسواق.


- عندما يحملها بيده عندما يسير، على الرغم من احتمال وقوعها جرّاء اصطدامه بأحد الاشخاص، ومن مدى خطورتها عليه عندما يستعملها خلال فترة سَيره.


- عند استخدامها أثناء القيادة، فالخطورة تكمن باحتمال تعرضه لحادث سير، بما أن تركيزه لا يظلّ كاملاً على الطريق وإشارات السير.


- خلال مشاهدته فيلماً في السينما، مع العلم أنه أمرٌ غير محبّب، لكونه يشتت انتباهه وانتباه من يجلسون بالقرب منه، جرّاء الضوء الذي يزعج في الصالة المعتِمة.


- عندما يستعملها في السرير قبل النوم، حتى أصبحت مهدّدةً لراحته ومنتقصةً من ساعات نومه، عدا عن خطورتها على بصره.


 


تؤكد هذه الأمثلة تبعية الإنسان لهذه الهواتف واعتماده عليها في كل شيء، خصوصاً أنه يقدر من خلالها على التواصل مع الأهل والأصدقاء في جميع أنحاء العالم على الفور، وإعلامهم عن حاله وأخباره و"جديده"، فيتشتت انتباهه لدرجة أنه يفقد فعلاً كل إحساس عمّا يحدث من حوله ويركّز فقط على ما يحدث داخل شاشة هاتفه، فتبرز عنده الحاجة المستمرة للرد على أي شاردة وواردة أو أي تغريدة أو أي بريد إلكتروني قد يصله. أكثر من ثلث اللبنانيين يستعمل الهواتف الذكية حسب تقرير صادرٍ عن الأمم المتحدة في أواخر عام 2011، إذ تبيّن أن 37% من اللبنانيين يستخدمونها يومياً، ومن المنطقي القول إن هذه النسبة اليوم قد ارتفعت، مع تزايد الاعتماد عليها في مختلف نواحي الحياة ومع تأثّر الجيل الجديد بها.


 


السبب هو قلق داخلي عاطفي


توضح الإختصاصية في علم النفس العيادي والمرضي سنا أبي راشد لـ"النهار" أن الهلع الذي يصيب الإنسان عند عدم توفّر هاتفه الذكي معه "هو حالة وصفية للتصرف الذي يقوم به، إذ يكون تصرّفه هذا ناتجا عن قلقٍ داخلي عاطفي" وتشدّد على أن هذا القلق هو "أعمق من الغرض نفسه" إذ تذكر أن تشابهاً بالتّصرفَين يتبين في "هلع اللوتو" الذي يصيب بعض من يشاركون في السحوبات.


"يكون عند الشخص استعداد لتعرضه للذّعر، وذلك من خلال قلقٍ موجودٍ لديه أصلاً، ويظهر هذا القلق إلى الملأ حول شيءٍ محدد، ألا وهو في هذه الحالة الهاتف الذكي، إذ قد يكون أحياناً السيارة مثلاً" تشرح أبي راشد، وتضيف أن هلع الشخص يزداد "بسبب قيامه بالعديد من أعماله عبر هاتفه الذكي، وأيضاً بما أن كل خصوصياته موجودة فيه" لافتةً إلى أن "اضطراب الهواتف الذكية" يأتي نتيجة المنطق العاطفي بدلاً من المنطق العقلاني، "الأمر الذي يشرح ذعر الإنسان عند ابتعاده عن هاتفه الخلوي، بما أنه يكون تحت سيطرة قلقٍ داخلي" على حدّ قولها.



ومع الظهور اليومي لتصرفاتٍ غيرِ عادية وغيرِ سليمة نفسياً لمدمني الهواتف الذكية، يبدو أنه لا بدّ من تأمين ممرٍّ خاصٍّ بهم على الرصيف، تماماً مثل الممر الجديد لراكبي الدراجات في بيروت.


 


 [email protected] / Twitter: @claudatanios

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم